أختي لا تطيع أمي ولا تطيعني وأرهقتنا كثيراً.
2012-04-25 09:21:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا شاب عمري 23 سنة، والدي متوفي، أسكن مع أمي وأختي البالغة من العمر 28 سنة، وللأسف لا زالت فتاة طائشة بأتم معنى الكلمة، فهي لا تبالي بنا، وتتصرف على هواها، وتعصي والدتي في جل الأمور -كي لا أقول في كلها- وأنا عاجز عن التصرف معها، فلقد أرهقتنا فعلا بأفعالها، وحاولت معها بجميع الطرق باللين تارة، وبالقسوة تارة أخرى، فهي تريد الخروج من المنزل متى شاءت، وأصبحت تدخن، وهمها الوحيد هاتفها الجوال، وقامت بسرقة نقودنا أنا وأمي عدة مرات.
بالله عليكم ما الذي أفعله؟ مع العلم أني انقطعت عن محادثتها منذ عامين ولكنها لا تبالي، لقد جن جنوني! وأمي أصبحت حائرة وشاردة الذهن ومرهقة وكثيرة البكاء. الرجاء منكم أن تساعدوني لإيجاد حل!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بابننا الكريم، ونسأل الله أن يوفقه ويسدده، ونشكر له هذا الاهتمام والسؤال، ونشكر له هذا الحرص على بر الوالدة، ونسأل الله أن يقر أعينكم بصلاح هذه الفتاة، وبعودتها إلى الصواب والطريق الذي يرضي ربنا الوهاب سبحانه وتعالى.
ابننا الكريم: لا شك أن هذه الفتاة تحتاج إلى أن تكونوا إلى جوارها، وأن تحسنوا إليها، وأن تجتهدوا في النصح لها، كما أرجو أن تعيدوا العلاقة معها، لأن الفتاة إذا لم تتأثر بالقطيعة ولم تتأثر بالهجر فهذا يدل على أن هذه العقوبة في غير محلها، والهجر عقوبة لا تصلح مع كل الناس، فمن الناس من يزيده الهجر بُعدًا، ويمكن للشر في نفسه، ويجعل الأشرار يلتفون حوله؛ لذلك ينبغي أن تحولوا الأمور إلى نصابها وصوابها، وعلى الوالدة أن تتوجه إلى الله تبارك وتعالى؛ لأن الهداية بيده سبحانه، ونحن دائمًا نغفل هذا الباب؛ لأن قلب هذه الفتاة وقلوب الشباب والفتيات بين أصابع الرحمن يقلبها سبحانه وتعالى، فعلى الوالدة أن تلح في الدعاء وتتوجه إلى الله تبارك وتعالى، من أجل أن يُصلح هذه الفتاة، وتستبدل الدعاء عليها بالدعاء لها، فإن دعاء الوالدة أقرب للإجابة، وتحرص على أن تكون إلى جوارها، وتتفاهم معها، وتحاورها، وتكلمها في خطورة هذا الطريق التي تسير عليه.
ولا شك أن وفاة الوالد وغياب الوالد له أثر أيضًا على هذه الفتاة، وهي بحاجة فعلاً إلى أن تجد العطف والحنان، هي أكبر منك نعم، لكن الأنثى تحتاج إلى مزيد من العطف وإلى مزيد من الاهتمام، وإلى مزيد من الرعاية، وإلى التفاهم معها وإحسان الظن بها، والتركيز على صفاتها الجميلة، والثناء عليها بها، فإنها عندما تجد هذا الثناء من الخارج، وتجد هذا الاهتمام في الخارج وتفقده في البيت فمن الطبيعي أن تهجر البيت وتخرج عنه، ودائمًا ينبغي أن نسأل أنفسنا كيف نجعل بيتنا بيئة جاذبة، بحيث إذا خرج الواحد منا اشتاق إلى الرجوع إليه.
كم تمنينا أن تذكروا لنا صنوف من الممارسات التي تقوم بها هذه الفتاة، ما هي إيجابيات هذه الفتاة؟ منذ متى كان هذا العصيان والتمرد على أمور الوالدة؟ هل لهذا التمرد علاقة بوفاة الوالد؟ هل هناك صديقات يؤثرن عليها؟ ما هي أهم الجوانب المشرقة فيها؟ وهل حصل أن سلطتم الأضواء على جوانب الإشراق في نفسها ثم تكلمتم معها بوعي؟ هل قامت الأم بحضنها وبمسح على شعرها وملاطفتها والإحسان إليها؟
إننا نعتقد أن هذه هي الجرعات المفقودة، وهذه التي تجعل الفتاة تبحث عن هذه المعاني في الخارج، فوفروا لها هذا الجو الذي فيه العطف والذي فيه الحنان والاهتمام، والمسلم مطالب أن يُشفق على العصاة، لأن رسالتنا امتداد لرسالة رسولنا -صلى الله ليه وسلم-الذي بعثه الله رحمة للعالمين، الذي كان حريصًا على هداية الناس، شديد الشفقة والرفق عليهم، لا يكره العصاة وإنما يكره معصيتهم، كما قال الله على لسان نبيه لوط: {إني لعملكم من القالين}، فأشعروها بأنها محبوبة، لكن المرفوض هو الأعمال التي تقوم بها، وأنها بمنزلة عزيزة، لكن الذي يضايقكم هو عصيانها لله تبارك وتعالى، لأن في هذه الطريقة وطرح هذه المعاني عون لها على العودة إلى صوابها وسدادها بحول الله وقوته.
فلا تقف -يا ابني الكريم- عاجزًا، وإنما عليك أن تصلح ما بينك وبين أختك هذه، اجلس معها في جلسة صفاء وإخاء، حاول أن تعرف ماذا تريد، حاول أن تعرف كيف تفكر، حاول أن تناقشها وتهتم بتلبية بعض احتياجاتها، ثم بعد ذلك نتمنى أن تكتب إلينا حتى تتضح لنا معالم شخصية هذه الفتاة من أجل أن نتعاون جميعًا على الإصلاح، ومن أجل أن نعاونها جميعًا على العودة إلى الطريق الذي يُرضي الله تبارك وتعالى.
وصيتي لكم أن تعمروا البيت بذكر الله وبطاعته، وكونوا قريبين من الوالدة، حريصين على طاعتها، هونوا عليها ما يحصل، اجعلوها تتوجه إلى الله تبارك وتعالى، لا تجعلوا همكم ماذا سيقول الناس، ولكن اجعلوا همّكم كيف نرضي رب الناس سبحانه وتعالى، وكيف نعاون هذه الفتاة على العودة إلى الصواب، بدلاً من أن نعين الشيطان عليها، ولا أعتقد أن القسوة تُجْدي في هذه السن، لأنها كبيرة، بل هي أكبر منك أيضًا، فالقسوة لا تُجدي ولا تنفع، فهي بحاجة إلى عطف وحنان واهتمام، والجلوس معها والتفاهم معها حول هذه الأمور حول هذه الممارسات الخاطئة، إذا كان عندكم نقود فأرجو أن توفروا لها الضروري، حتى لا تضطر إلى أن تمد يدها إلى أموالكم، وحاولوا عن طريق هذه الأموال وعن طريق إعطائها الأشياء الأساسية التي تحتاج إليها، حاولوا عن طريق هذا البذل والعطاء الدخول إلى حياتها.
أما ما يحصل منها من تناول السجائر وغيرها والمعاصي فهذه مظاهر وأمور محرمة وبوجود خلل عندها، فنحاول إصلاح هذا الخلل وستختفي كل هذه الظواهر بحول الله وقوته.
لا تيأسوا وحاولوا، فمصلحة هذه الفتاة تهمُّكم، والإنسان ينبغي أن يسعى بنية من يريد الهداية للناس، ولئن يهدي الله على أيدكم هذه الفتاة خير لكم من حُمْر النعم.
نسأل الله أن يوفقكم ويسددكم، وأن يرحم الوالد برحمته الواسعة، وأن يعينك -وهذه الأخت- على بر الوالدة التي نتمنى أن تحرص على الدعاء لكم، نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لهذه الشقيقة الخير، وأن يقر أعينكم بصلاحها وهدايتها وعودتها إلى الصواب، ونسأل الله تبارك وتعالى الهداية للجميع، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وجزاكم الله خيرًا.