الخيالات والوساوس المذمومة وطرق التخلص منها
2012-04-10 19:32:38 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا امرأة -ولله الحمد والمنة- أعيش حياة مستقرة، فزوجي رجل صالح، ولي أربعة أطفال هم رمز للأدب والأخلاق في مدرستهم، وأنا إن شاء الله تعالى سأتم حفظ القرآن الكريم عن قريب.
مشكلتي تكمن في أنني أعيش في عالم ثان من نسج خيالي، فأنا أختلق شخصيات، وأعيشها في عقلي، وفي بداية الأمر كانت هذه التخيلات جنسية، ولكني استطعت التخلص منها بالدعاء، وبسورة البقرة، ولكني الآن أتخيل أني بصورة حبيبة أو معشوقة لشخص أنا أخترعه وأعيش هذه القصة بكل كياني، ومشاعري، وهي تجتاحني بقوة، وأنا أستمتع بها جدا حتى أنني لا أتحاور مع بناتي، ولا أتحمل أن يقاطعني أي أحد عن الاسترسال في التفكير، ولا أستطيع التركيز في حفظي، ولا بيتي وأغضب بسرعة كبيرة، وينتابني صداع مع طول التفكير.
حاولت مرارًا وتكرارًا أن أتجنبها، ولكني أفشل في كل مرة، وأقول لكم إن هذا ليس نتاجا لفراغ عاطفي؛ لأني أحب زوجي كثيرًا، وهو يحبني ونحن متفاهمان -والحمد لله- وقد صرحت له بهذا الأمر عدة مرات، وكان يقول لي في كل مرة إنه شيء طبيعي، ولكني خيالية زيادة، وأخاف أن يؤثر هذا على بيتي وأسرتي، فأنا أعيش في عذاب وصراع مع نفسي طوال النهار، فدلوني على الحل.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأسأله تعالى أن يزيدك علمًا وحفظًا لكتابه، وأن تعيشي حياة زوجية مستقرة، وأن يحفظ الله تعالى لك زوجك، وأبنائك ويجعلهم قرة لكما.
مشكلتك التي تتمثل في هذا الفكر المستحوذ عليك، وهي بداية التخيلات الجنسية التي قمت بالتخلص منها، ثم تخيلك أنك معشوقة لشخص ما، وهذا يؤدي إلى شعورك بالراحة والاستمتاع، هذا أيتها الفاضلة الكريمة نوع من الوسواس الذي فرض نفسه عليك، وبالرغم من سُخف الأفكار إلا أنها وجدت القبول لديك، وفي أغلب الظن أن هذا الفكر الوسواسي كان لديك في الصغر وليس من الضروري أن تشعري به في ذاك الوقت.
قد يكون الأمر بدأ في شكل أحلام يقظة، أمنيات تحققت أو لم تتحقق، ومن ثم ظهرت الآن الفكرة، وهي بهذا القبح مما يتصادم مع فطرتك ومبادئك وغرائزك القويمة والسليمة إن شاء الله تعالى.
هذا النوع من التفكير يعالج من خلال التحقير والتحقير الشديد جدًّا، ويجب أن يتم التعامل معه من خلال صرف الانتباه، وأقصد بذلك حين تأتيك هذه الفكرة لا بد أن تستبدليها بفكرة مضادة تمامًا، ويجب أن تغيري مكانك، أو نوعية النشاط الذي كنت تقومين به حين أتتك هذه الفكرة خلال هذا النشاط.
علاج سلوكي آخر بسيط، وهو: أن تجلسي في مكان مريح، وتكون أمامك طاولة صلبة، فكّري في هذه الفكرة، استجلبيها، استرسلي فيها لمدة دقيقة، وأثناء هذا الاسترسال قومي بضرب يدك بشدة وقوة على الطاولة حتى تحسي بالألم، الهدف من هذا التمرين حتى يؤدي نتائجه الرائعة هو أن تربطي ما بين هذه الفكرة وما بين الألم، وقد وجد علماء السلوك أن الألم الذي يوقعه الإنسان على نفسه يضعف تمامًا الفكر الوسواسي، وهذا التمرين يتطلب التركيز، الجدية والتكرار في كل جلسة، يجب أن تكرريه عشر مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح، ومرة في المساء.
التمرين الثالث هو تمرين إيقاف الأفكار: دعي هذه الفكرة تأتيك، ومن ثم وبكل حسم خاطبي الفكرة مباشرة، قولي لها (قفي قفي قفي، أنت الآن تحت أسفل قدمي) وقومي بالفعل بالدوس عليها كأنها مجسد تحت رجلك، وهذا أيضًا تمرين في شكله مضحك، لكن أسسه علمية، وهو فاعل جدًّا.
الجزء الأخير في العلاج هو أن تتناولي علاجا دوائيا مضادا للوساوس، وعقار بروزاك، والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين) هو من الأدوية الجيدة جدًّا، ابدئي في تناوله بجرعة عشرين مليجرامًا، تناوليها ليلاً لمدة شهر، ويفضل تناول هذا الدواء بعد الأكل، وبعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناول الدواء، والبروزاك دواء سليم جدًّا وغير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.
وعليك أيتها الفاضلة الكريمة بالدعاء، اسألي الله تعالى أن يخلصك من هذا الفكر القبيح، فالدعاء دائمًا هو سلاح المؤمن.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.