أحب العزلة وأميل للبكاء ولا أطيق سماع الأصوات العالية فما السبب؟
2012-03-22 11:32:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة أعاني من القلق الشديد، لدرجة أني أحرك قدمي بشدة، أو أحرك جسدي ذهاباً وإياباً، مع اضطرابات في النوم وقلته، وعندما تحدث لي مشكلة ما أتصبب عرقاً، مع حرارة في الجسم، وشعور بالغثيان، ورغبة في التقيؤ، أو أتقيأ بالفعل، وقد تمر علي أيام لا آكل فيها، ولا أشعر بالجوع بتاتاً.
أحب السفر، ولكن عند الذهاب تجدني لا رغبة لي في الأكل ولا في النوم، وإضافة إلى الشعور بالغثيان أشعر بالخوف، ولكن لا أعلم من أي شيء، ليس من الموت، أو الطريق، أو المكان، لا.. ولكن لا من شيء، لا أعلم بماذا أفسر حالتي!
أحب العزلة جداً، ولا أحب الأماكن المليئة بالناس، ولا أطيق سماع الأصوات العالية والمتداخلة، وأميل أحياناً للبكاء، ولا أحب النوم في الليل، فعندما أنام ليلاً أصحو وكأن حزن الدنيا كله في داخلي، أما النوم في النهار فأشعر بعده بالكسل والإرهاق وتقلب المزاج، علماً بأن الخوف الذي يأتيني كان منذ الصغر.
هذه حالتي بالتفصيل، وأعتذر على الإطالة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أمجاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكرك على ثقتك في إسلام ويب، ونشكرك أن رسالتك كانت مقتضبة جدًّا، وواضحة في ذاتها، وليس فيها تفاصيل كثيرة، ولكنها مفيدة، فأرجو أن لا تتحسسي فيما يخص الإطالة، فرسالتك ليست طويلة أبدًا، وكل كلمة وردت فيها هي كلمة مطلوبة وذات معنى، وبتفحص رسالتك أستطيع أن أقول أنك تعانين من قلق المخاوف الاكتئابي البسيط.
بالطبع هذه الكلمات حين يسمعها الإنسان قد ينزعج (قلق – مخاوف – اكتئاب) فهذا قد يزعج الإنسان، لكن أؤكد لك بأنها كلها بسيطة، كما أنها كلها متداخلة، والحالات هذه نعتبرها نسبية في الشدة، أي تختلف من إنسان إلى آخر، وأعتقد أن حالتك من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة، وغالبًا ما تكون مرتبطة بالبناء النفسي لشخصيتك، فالقلق والحساسية قد تكون من سجايا الإنسان، القلق يمكن أن نوجهه توجيهًا إيجابيًا، أو نجعله يتراكم ويحتقن ويتحول إلى قلق سلبي.
كثير من الذين نجحوا في حياتهم كان القلق هو دافعهم، لكن بعد أن حققوا الكثير من الإنجازات تجد أن القلق أصبح يتمحور داخليًا، مما يسبب لهم الإزعاج.
إذن الحالة إن شاء الله تعالى بسيطة، وأول خطوات علاجها هو أن تسألي نفسك: (لماذا أقلق؟ أنا بخير، وأنا على خير، ولي أشياء عظيمة في حياتي، هذا القلق الذي بي يجب أن أوجهه إيجابيًا، وذلك من خلال حسن إدارة الوقت، وأن أصرف نفسي بعيدًا عنه بأن أدير حياتي بالدرجة التي تُرضيني، وأن أكون منجزة، وأن أكون إيجابية)، هذه المخاطبات الداخلية مهمة جدًّا لك.
ثانيًا: لابد أن تقومي بإجراء تمارين رياضية تناسب المرأة المسلمة، فالرياضة تحفز المشاعر الإيجابية، وتقلل المشاعر السلبية، وتبني النفوس قبل أن تبني الأجسام، فكوني حريصة عليها.
ثالثًا: أرجو أن تتخلصي من الاحتقان النفسي الداخلي، والذي يؤدي إلى القلق الشديد، وعدم الهدوء والسكون الجسدي والنفسي، ويكون التخلص منه من خلال التفريغ النفسي، والتفريغ النفسي نعني به أن يعبر الإنسان عمَّا بداخله أولاً بأول، ولا يترك مجالاً للأشياء غير المرضية لتتراكم وتتكاثر وتؤدي إلى الانفجارات النفسية.
رابعًا: أرجو أن تجتهدي في التواصل الاجتماعي المثمر، ومن أفضل أنواع التواصل الاجتماعي: بر الوالدين، زيارة الأرحام، الانخراط في العمل التطوعي والاجتماعي والثقافي والدعوي، مشاركة الناس، أخذ المبادرات الإيجابية خاصة في الأمور الدعوية الخاصة بالنساء، فهنالك أشياء تجعل الإنسان يحس بعزة داخلية ورضا نفسي غير مسبوق، فالطاقات موجودة ولكننا في بعض الأحيان لا نستفيد منها، بل نتراخى، وهذا يجعلنا نحس بالقلق والضيق والاكتئاب.
الخطوة الأخيرة: من حيث العلاج وبما أن أعراضك نفسوجسدية فأعتقد أن مضادات الاكتئاب سوف تفيدك كثيرًا، ومن أفضل الأدوية التي أوصي بها في مثل حالتك هو العقار الذي يعرف تجاريًا في مصر (مودابكس)، ويسمى تجاريًا في كثير من الدول باسم (لسترال) أو (زولفت)، واسمه العلمي هو (سيرترالين)، فأيًّا كان بلدك أرجو أن تسألي عنه تحت مسماه العلمي.
ابدئي في تناوله بجرعة نصف حبة –أي 25 مليجرام– تناوليها يوميًا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، استمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين –أي 100 مليجرام– يوميًا، يمكن تناولها كجرعة واحدة ليلاً، أو تقسم إلى جرعتين حبة في الصباح وحبة في المساء، ومدة الفترة العلاجية على هذه الجرعة التي نسميها بالجرعة العلاجية هي أربعة أشهر، بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم اجعليها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا الدواء دواء متميز، ودواء فاعل، يزيل القلق والتوتر والوساوس والاكتئاب، -وإن شاء الله تعالى- سيجدد طاقاتك النفسية والجسدية، لكن يجب أن تدعميه بالإرشادات السابقة التي ذكرناها لك.
السيرترالين ربما يؤدي إلى زيادة قليلة في الوزن لدى بعض الناس الذين لديهم القابلية للسمنة، فإن حدث لك شيء من هذا أرجو أن تتحوطي، وذلك من خلال تنظيم الأكل، وممارسة الرياضة كما ذكرنا سلفًا، ولا ننصح بتناول الدواء أثناء الحمل.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.