كتومة ونفسيتي متعبة ولا أعرف كيف أتخذ القرارات!
2012-01-04 06:48:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حالتي النفسية متعبة جدا، وفي أغلب الأوقات أشعر برغبة في البكاء، وأريد الصراخ بصوت عالٍ، لكنني لم أتمنَ الموت في حياتي.
لا أحب أن أشتكي لأحد، أو أتكلم عن أمر ضايقني؛ لأني لا أشعر أن هناك أحدًا يهتم لأمري؛ فأفضل الصمت. لا أحب أن أبكي أمام أحدٍ نهائيًا، ولكني إذا أردت البكاء لا أجد سوى الحمام لأذهب إليه.
أنا في المرحلة الثانوية ولم أكلم أحدًا من الشباب في حياتي، حتى أولاد عمي الذين هم إخوتي أصلا في الرضاعة لم أكلمهم، كما أنني إذا أحببت شخصا كتمت ذلك في نفسي، إلى أن جاء يوم وتعرفت على شاب عن طريق النت، وأحببته بطريقة جنونية، وحاولت أن أمنع نفسي، وأبتعد عنه، لكني كنت أشعر أني أختنق، لا أعرف كيف أتخذ القرار في أي أمر، سواء في هذا الموضوع أم في غيره، ولو أخذت قرارا أجد في البداية أن لدي عزما، لكنني بعد ذلك أجد صعوبة ومجاهدة في عمل ذلك.
نفسيتي متعبة جدا، لدرجة أني أفكر في أمور سيئة، وأشرع في البكاء، وأشعر بأني مخنوقة.
لا أعرف ماذا أعمل، أشعر أني سيئة جدا، ومنافقة جدا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ nor elhoda حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يربط على قلبك، وأن يسعدك في الدنيا والآخرة، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعافيك من الوقوع في الحرام، أو اقتراف الحرام، أو القرب منه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فالذي يبدو من رسالتك أن مشكلتك الكبرى أنك كتومة، وأنك لا تحبين أن تُفضي بأسرارك لأحد لاحتمال أنه لا يوجد من تثقين فيه، ولذلك تكتمين أسرارك داخل نفسك، حتى أصبحت في أمسِّ الحاجة إلى من تتحدثي إليه أو تتكلمي معه
وكنتِ محافظة على نفسك إلى بداية الجامعة، حيث تعرفت كما ذكرت على شاب عن طريق النت، وبدأت تبثين له همومك وشكواك وأحزانك وأفراحك، حتى تعلقت به إلى درجة الجنون -كما ذكرت- وحاولت أن تتوقفي عن هذه العلاقة، ولكنك ضعفت أمام اتخاذ القرار، وذلك لأنه يعتبر الملاذ الوحيد الذي تتكلمين معه، أو تفضين إليه بأسرارك.
أقول لك – ابنتي الكريمة الفاضلة – إنك مع الأسف الشديد خرجت من مشكلة إلى مشاكل؛ لأن مشكلة الإنسان مع نفسه تهون، أما أن يكون الإنسان له علاقة مع طرف آخر، وهذا الطرف الآخر رجل، وقد تقول له الإنسانة كلامًا ما ينبغي أن يُقال، وقد يقول لها كذلك ما لا ينبغي أن يقال، وقد تتوطد العلاقة وتقوى حتى إنه ليترتب عليها أشياء لا تُرضي الله سبحانه وتعالى، وهذه الأشياء قد لا تكون موافقة لنفسية الإنسان وطبيعته، فبعض الناس لا يحب الخطأ، ولا يحب المنكر، ولا يحب المعاصي، ولذلك إذا وقع فيها يُصاب بنوع من الصدمة؛ لأنه ما كان يتوقع أن يصل إلى هذه الدرجة، أو إلى هذه الحال.
ولذلك أقول لك – ابنتي الكريمة الفاضلة (نور الهدى) – أول شيء أتمنى أن تبدئي به هو: أن تعلمي أنك قادرة على تغيير نفسك، وأن تغيير نفسك إنما هو بيدك أنت وحدك، وليس مسئولية أي إنسان آخر، وأن هذا الشاب ما ضربك على يدك؛ فلولا أنك تكلمت معه وحاولت أن تُبدي له إعجابك به واهتمامك به ومحبتك له لما كان ليفعل ذلك من تلقاء نفسه.
ولذلك -كما ذكرت أولاً- أنت قادرة على اتخاذ أي قرار، ولا تقولي إنك عاجزة؛ لأن الله تبارك وتعالى ما كلفنا بشيء فوق طاقتنا.
الأمر الثاني: لن ينقذ (نور الهدى) من أي خطر إلا نور الهدى نفسها، فإذا لم تحرصي على مصلحة نفسك فثقي وتأكدي أنه لن يوجد هناك أحد يقف معك، أو يحرص أبدًا على مصلحتك كحرصك أنت على مصلحتك، فخذي القرار المناسب، وهو التوقف عن هذه العلاقة ما دامت مجهولة النتيجة؛ لأنه أحيانًا قد يحدث أن الأخت تتعرف على بعض الشباب عبر الإنترنت، وقد يكون مثلاً من أماكن متجاورة، أو من بلدة قريبة، وقد يكون صادقًا فعلاً فيتقدم إليها لخطبتها، وتبدأ حياة زوجية جيدة، وأحيانًا يكون مجرد تنفيس وإخراج ما في النفوس فقط، وشكاية الهموم والأحزان لطرف آخر مجهول يقف وراء جهاز كمبيوتر لا أعلمُ عنه شيئًا هل هو رجل أم امرأة؟ هل هو كبير أم صغير؟ هل هو صالح أم طالح؟ والمعروف الذي لا خلاف حوله أن كل واحد يحاول أن يظهر للطرف الآخر صفات حسنة ورائعة وجميلة حتى يستحوذ على قلبه وعواطفه ومشاعره.
ولذا أقول: ما دام هذا الأخ لم يُشر إليك بالارتباط بك ارتباطًا شرعيًا، ولم يُبدِ استعداده للتقدم إلى أهلك لخطبتك؛ فأرى أن تُوقفي هذه العلاقة؛ لأنها علاقة إلى الهاوية، علاقة على حساب دينك، وعلى حساب قيمك وأخلاقك ومبادئك، علاقة على حساب ربك ومولاك جل جلاله، علاقة على حساب أخلاقك وقيمك، وهذه المسائل أظنك لست على استعداد أن تضحي بها أبدًا!
ولذلك اقطعي هذه العلاقة، وحاولي قدر الاستطاعة أن تتخلصي من الجهاز إذا كان هو نقطة ضعفك، بأن تضعيه في مكان عام في المجلس (الصالة)، أو أن لا تدخلي إليه إلا في النهار، وأن لا تدخلي مطلقًا بالليل؛ لأن الليل عادة ما يُزين الشيطان فيه مثل هذه العلاقات، ومثل هذه العبارات، وغير ذلك.
وحددي الهدف من دخولك للإنترنت قبل الدخول: ماذا تريدين؟ إذا كنت تريدين معلومة أو فائدة، أو البحث عن شيء تحتاجينه فلا تفتحي أي نافذة غيره، وإذا كنت لا تريدين شيئًا معينًا فأنصحك أن لا تفتحي الجهاز مطلقًا؛ لأن الضعف قد يأتيك عندما يُفتح الجهاز، وتشعرين برغبة داخلية في أن تتواصلي مع هذا الشاب، ويزين الشيطان لك ذلك، وهذا هو السبب في ترددك وعدم قدرتك على اتخاذ القرار.
فإذًا قبل اتخاذ قرار التوقف عن هذه العلاقة هناك قرارات تسبق هذا، وهو كيفية التعامل مع النت، وكيفية ضبط الدخول والخروج إليه؛ فإنك إن استطعت أن تحددي الوقت الذي تستخدمين فيه هذا الجهاز، وأن تحددي أيضًا الهدف من استخدامك له فإنك تستطيعين -بإذن الله تعالى- أن تتوقفي عن ذلك.
حاولي أن تقوي علاقاتك ببعض الأخوات الصالحات، فممَّا لا شك فيه أن حولك مساجد كثيرة، والحمد لله مِصْرُ الآن فيها نشاط دعوي رائع، فيها دروس ومحاضرات وندوات، وتوجد أخوات في المساجد، فلماذا لا تحاولين ربط نفسك بهذه المنظومات الرائعة؟! لعل الله أن يمنّ عليك بأخت صالحة تكون صادقة معك تبثين إليها همومك وشكواك، وآلامك وأحزانك، بدلاً من أن تتكلمي مع شاب أجنبي أنت لا تعلمين عنه شيئًا.
توجهي إلى الله عز وجل بالدعاء، اجتهدي في الدعاء أن يصلح الله حالك، وأن يغيّر الله واقعك، وأن يمنّ عليك بخيري الدنيا والآخرة.
انتبهي -يا بنيتي- لمذاكرتك ودروسك، فأنت في الجامعة، لماذا لا تفكرين في النجاح فقط؟ لماذا لم تفكري في أن تكوني متميزة، وأن تكوني من أوائل دفعاتك، لعل الله أن يمنّ عليك بأن تكوني أستاذة جامعية تخدمين الإسلام والمسلمين.
نسأل الله أن يصرف عنك الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن ييسر أمرك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.
هذا وبالله التوفيق.