أصبت بعقدة وانطوائية لأني لا أحسن النطق بالراء ... ما العلاج؟
2011-12-15 08:55:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا ابنكم عبد العزيز وعمري 20 سنة، كثير من الناس يعتقد أن مشكلتي يسيرة، وأنا تعِبت منها، وسببت لي عقدة وإحراجا.
أنا ألثغ بحرف (ر)، حيث أنطقه (ي), وهذه المشكلة سببت لي إحراجا مع أقرب الناس لي، سواء في المدرسة أو مع أصحابي.
المهم قررت أن لا أنطق هذا الحرف مهما صار لي، وبالفعل صرت لا أنطق هذا الحرف، منذ 5 سنوات فأنا أغير أي جملة فيها حرف الراء, وإذا لم يكن باستطاعتي أتجاهل، يعني مثلا لو سألني الدكتور أتظاهر أني لا أعرف الإجابة، وأنا أعرفها.
هذا يؤثر بشكل سلبي على معدلي، مع أني من المتفوقين، وأنا أدرس بكلية الطب، تعقدت وصرت أتجنب أي صديق جديد، لكيلا يسألني عن اسمي، وأنا لقبي يحتوي على حرف الراء، أنا تعبت وتعقدت جدا، وأنا أخفي العيب الذي لازمني طول حياتي، وعرِّضني للإحراج والضحك علي في كثير من المواقف.
حاولت أن أسأل عن علاج، والذي فهمته أن أخصائي التخاطب من الممكن أن يساعدني، بحثت في مدينتي ولم أجد، وأنا لساني ليس به عيب خلقي، وعلاجي الوحيد هو أن أنطق حرف الراء.
هل من الممكن أن يأتي يوم وأستطيع نطقه، وأعيش مثل باقي الناس, وأرتاح من القلق والخوف والانطوائية وعدم الثقة بالنفس؟
لو كان يوجد علاج فأرجو أن تدلوني على الطريقة، أنا دائما ما أفكر: لماذا هناك أناس يعانون من هذه المشكلة ولا يتعالجون؟!
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إني أقدر حساسيتك حول هذا الموضوع، لكني في ذات الوقت أوافق الذين قالوا لك إنه ليست لديك مشكلة حقيقية، وقلَّ ما يقول الناس مثل هذا الكلام، فما داموا قد ذكروا لك هذا فهذا دليل قاطع أنك بالفعل يجب أن تتعايش مع هذه المشكلة، فهو أمر بسيط, ولا يستحق كل هذا التخوف والتجنب الذي جعلته منهجًا لك في حياتك.
هذا لا يعني أن توقف جهودك عن البحث عن بعض العلاجات، لكن من الضروري جدًّا أن تتقبل وأن تتعايش مع هذا الأمر، فإني أعرف الكثير من الذين يعانون من صعوبة في نطق بعض الحروف، وهم من المتفوقين والمتميزين، وذلك لسبب واحد: لأنهم تخطوا هذه الإشكالية ولم يفكروا في أنفسهم كشخص معيوب أو ناقص، فمن الضروري جدًّا أن تثق أكثر في نفسك، وأنا لا أؤيد منهجك في تجنب نطق حرف الراء, مع احترامي الشديد لك, وأعرف أن هذه محاولة وقد كان أحد خطباء المعتزلة وهو واصل بن عطاء يعاني من اللثغة في حرف الراء لذلك كان يتجنب نطق حرف الراء, لكن التجنب ليس أمرًا مرغوبًا.
وتذكر أن نبي الله موسى كانت عنده لثغة في لسانه لذلك دعا ربه بقوله "واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي".
ننصحك بأن تحاول -وأنت في خلوة وبعيدًا عن الناس- أن تكثر من استعمال الكلمات التي فيها حرف الراء، على عكس ما تقوم به الآن من تجنبك للكلمات التي فيها حرف الراء.
اجعل لنفسك تمارين خاصة مع نفسك، كرر حرف الراء، ابدأ بنطق الحرف بهدوء واسترخاء، املأ صدرك بالهواء، خذ شهيقًا، بعد ذلك انطلق الحرف مفردًا، ثم أدخله في كلمة، ثم بعد ذلك أدخل الكلمة في جملة، وهكذا.
أرى أنه من المفيد لك أيضًا أن تستعين بإمام المسجد، أو أن تذهب إلى مركز التحفيظ، الأخوة المشايخ هم أفضل وأحسن الناس على تدريبك على مخارج الحروف؛ لأنهم تعلموا القرآن، وتعليم القرآن يحتاج إخراج الحرف من مخرجه، فالظاء ظاء، والذال ذال، والثاء ثاء، والسين سين، والراء راء، وهكذا، والحروف عندهم مقسمة إلى حلقية ولسانية وشفهية وجوفية، وذلك سوف يعود عليك بفائدة كبيرة جدًّا.
لا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي حقيقي، فكل الذي تحتاجه هو أن تتوائم مع هذا الأمر، أن لا تجسد هذه المشكلة، حتى لا تدخلك في انطوائية, وفي عزلة, وفي ابتعاد عن الآخرين، وهذا قد يتأتى عنه خوف اجتماعي.
تضخيم وتجسيم مثل هذه المشاكل البسيطة له إفرازات سيئة جدًّا، تخطََّ هذه العقبة، وسلِ الله تعالى أن يحل هذه العقدة من لسانك، وأكثر من التواصل الاجتماعي مع أقرانك وأصدقائك، وقم بزيارة أرحامك، ويجب أن تكون إنسانًا نشطًا وفعالاً، أما أن تضرب على نفسك سياجًا وتعتزل الناس وتلجأ للانطوائية فهذا لن يساعد شخصيتك على التطور أبدًا.
الذي تعاني منه هو أمر بسيط وبسيط جدًّا، ولا يستحق كل هذه المخاوف.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.