لماذا يغمى علي عند رؤية دمي بينما دماء الآخرين لا تؤثر في؟!
2011-11-21 10:10:20 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي حالة غريبة, أنا إذا رأيت دمي يغمي علي مباشرة، تقريبا لمدة 5 دقائق تقريبا, لكن إذا رأيت دم غيري لا يصير لي شيء، أتعب جدا عندما أروح أعمل تحليلا للدم، أول ما تخرج الإبرة مني مباشرة يغمى علي، بينما أرى شخصا جانبي يسحبون منه لكن لا يصير لي شيء.
لا أدري لماذا هذه الحالة أتعبتني، أنا ليس عندي أي خوف من الدم, الدم لا يقززني أبدا.
أشاهد أفلاما دموية, إذا أحد جرح نفسه جرحا كبيرا هذا طبيعي عندي، لكن أنا لو جرحت نفسي جرحا صغيرا يأتيني مثل الدوار، أما لو كـان جرحا عميقا يغمى علي مباشرة!
أخاف هذا الشيء يعيقني في المستقبل، أنا الآن آخر سنة من الثانوية، وناوية أتخصص إن شاء الله طب قسم الجراحة, لكن... أخاف هذا الشيء, خوفي من دمي لا يسمح لي أسلك هذا الطريق!
كل الذي أريد أعرفه لماذا يغمى علي من دمي بينما دم الآخرين لا يؤثر في؟!
الحمد لله أنا صحتي سليمة, فقط التهاب طفيف بالأذن الوسطى، يسبب لي عدم التوازن أحيانا, يعني لا أسقط، بل عدم توازن، هذا الشيء يصاحبني يمكن منذ 7 سنوات, آلام في الأذن، ويتم علاجها، بواسطة الإبر!
مع العلم أن إبر الجلوكوز لا تؤثر فيّ فقط إبر سحب الدم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهذه الحالة تُسمى في الطب (Vasovagal attack) أو الإغماء البسيط، وهو عبارة عن ردة فعل عصبية يحصل فيها انخفاض في الضغط، وتباطؤ في النبض، ويحصل توسع في الأوعية الدموية المحيطية، وبالتالي يقل الدم الصادر عن القلب إلى الدماغ، ويحصل نقص في التروية الدموية الدماغية، ونقص الأكسجين، وبالتالي الإغماء.
وطبعا هذا يحصل عند بعض الناس الحساسين نتيجة أي صدمة عصبية أو أحياناً عند رؤية دم أو حتى سماع خبر غير سار أو في بعض الأحيان أثناء إعطاء حقنة عضلية أو أحياناً عند سحب الدم من المريض نفسه أو رؤية دمه أو عند الجوع، وطبعاً هذه لا تحصل عند كل الناس، وإنما بعض الناس.
والخوف من الدم شائع، ويقدر تقريبا 3% من الناس عندهم هذا النوع من الخوف، وإذا حصلت هذه الأعراض فإنه ينصح بأن يوضع المريض بوضعية الاستلقاء، ويخفض الرأس، وترفع الرجلان إلى مستوى أعلى من الرأس؛ لتساعد على عودة الدم المتجمع في الأطراف إلى القلب، ومن ثم إلى الدماغ، وعادةً ما تزول خلال عدة دقائق.
انتهت إجابة الدكتور محمد حمودة أخصائي الباطني/ تليها إجابة الدكتور محمد عبدالعليم الأخصائي النفسي للإفادة حول الخوف من الدم:
فكما أوضح لك الأخ الدكتور محمد حمودة فهذه الإغماءات البسيطة تتعلق بردة الفعل العصبية وهي تتفاوت من إنسان إلى آخر، بل هي تصيب قلة من الناس.
سؤالك واضح ومحدد وهو لماذا تحدث لك الحالة حين تشاهدين دمك وليس دم الآخرين؟ التفسير النفسي لذلك هو ما نسميه بالرمزية، وأقصد بالرمزية أن الأمر إذا وقع للإنسان نفسه ليس كما يقع على غيره، أي أمر في الحياة، فعملية رؤية الإنسان لدمه تختلف تمامًا من رؤية دم الآخرين، فالرمزية تعني أنني قد فقدت شيئًا عزيزًا، أن ضررًا سوف يلحق بي، هذا هو دمي، وهذه الأمور كلها تكون على مستوى اللاوعي.
فالفرق واضح والسبب واضح، وليس الخوف هو من الدم في ذاته بمكوناته المعروفة (البلازما والكرويات الحمراء والكرويات البيضاء) لكن الخوف هو مما يحدث في حد ذاته وهي الرمزية ذاتها كما يُشار إليها.
لتخطي هذا الأمر أولاً: شرح الدكتور محمد حمودة سوف يفيدك لأنه قد شرح لك الخطوات الفسيولوجية والأسباب الفسيولوجية التي تؤدي إلى هذا الحدث، وهذه بعد أن يتم استيعابها وتفهمها هذا في حد ذاته سوف يفيدك تمامًا.
ثانيًا: عليك أن تعرضي نفسك لمصدر خوفك، والتعريض يكون في الخيال وبعد ذلك يكون في الواقع، في الخيال: اجلسي على كرسي وتكونين في حالة استرخائية، وبعد ذلك تصوري أنه قد سُحب منك الدم لإجراء فحوصات مثلاً أو أنك قد ذهبت إلى بنك الدم وتبرعت بالدم، عيشي مثل هذه الخيالات بكل جدية وتركيز، وهذا نسميه بالتعرض في الخيال.
بعد ذلك تأتي للتعرض العملي، وهو أن تقومي باستجلاب حقنة، بعد ذلك انظري إلى الإبرة بتمعن وتركيز، وقولي لنفسك: (هذه هي الإبرة التي سوف يتم سحب الدم مني من خلالها) وقومي بالفعل بوضع الحقنة والإبرة الملحقة بها على يدك، اجعليها تلامس أحد الأوردة السطحية، وتصوري أنه سوف يتم سحب الدم منك.
كرري هذا التمرين عدة مرات، هذا نوع من التعرض التدرجي، وهو ذو قيمة علاجية ممتازة جدًّا إذا طُبق بالصورة الصحيحة.
بعد ذلك أنصحك أن تذهبي بالفعل إلى أحد فنيي المختبرات واجعليه يسحب منك كمية بسيطة من الدم ثلاث مرات في الأسبوع، هذا نوع من التعرض العملي جدًّا، وإن شاء الله هذا لن يضرك أبدًا.
الدم حين يُسحب تحت التحوطات الصحية المعروفة لن يصيب الإنسان أي مكروه، هذه هي وسيلة العلاج (التعرض في الخيال، ثم التعرض في الواقع مع تحقير الفكرة ومحاولة الفصل وعدم الربط النفسي) بمعنى أنه في كل مرة أسحب فيها الدم ليس من الضروري أن يحدث لي حالة الإغماء، إن كانت تحدث لي في السابق فلن تحدث لي الآن؛ لأنني قد تفهمت طبيعتها وتفسيرها حسب ما شرح لي الأطباء.
أرجو أيضًا أن تقومي بالقراءة عن الدم، ومكونات الدم، وكيفية تكوينه وفصائله، هذا أيضًا يقربك كثيرًا إلى الصورة.
أريدك أيضًا أن تقومي ببعض الرسومات الملونة، وتستعملين فيها اللون الأحمر القريب للون الدم أكثر من مرة، هذا كله نوع من التعرض، والتعرض دائمًا يزيل المخاوف.
أريدك أيضًا أن تتدربي على تمارين الاسترخاء خاصة تمارين التنفس المتدرج، وأنت في حالة استرخاء تام اضطعجي على السرير، وأغمضي عينيك وافتحي فمك قليلاً، خذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، واجعلي صدرك يمتلأ بالهواء، ثم بعد ذلك أمسكي الهواء لفترة قصيرة، ثم أخرجي الهواء عن طريق الفم بكل قوة وبطء.
كرري هذا التمرين أربع إلى خمس مرات متتالية بمعدل مرة أو مرتين في اليوم لمدة ثلاثة إلى أربع أسابيع، هذا التمرين أيضًا وجد أنه يساعد كثيرًا في علاج مثل هذه الحالات.
هنالك طريقة أيضًا تسمى بطريقة صرف الانتباه: مثلاً حين تذهبين إلى مختبر وأنت تعرفين أنه سوف يتم سحب الدم منك قولي (لن يتم سحب الدم مني، إنما أنا أتيت هنا لقياس الضغط) وفعلاً يقوم الفني بفحص ضغط الدم أولاً ثم بعد ذلك يسحب الدم، هنا تكوني أنت قد صرفت انتباهك إلى أمر آخر، ودائمًا سمّ الله تعالى حين تقدمين على سحب الدم أو الاختبارات المشابهة.
إن شاء الله تعالى الالتزام بهذه التمارين والإرشادات السلوكية سوف يقضي على هذه المشكلة البسيطة بالتدريج، وعمومًا هي مشكلة عابرة في بعض الأحيان تنتهي تلقائيًا دون حتى أي ممارسات سلوكية.
في بعض الأحيان نضطر أن نعطي علاجا دوائيا، لكن يجب أن تكون الأسبقية للتطبيقات السلوكية التي ذكرناها، من الأدوية الجيدة جدًّا لعلاج مثل هذه المخاوف الظرفية دواء يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) ويسمى علميًا باسم (إستالوبرام).
هو دواء مفيد جدًّا كما ذكرت لك، لكن لا أعتقد أبدًا أنك في حاجة إليه في هذه المرحلة.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.