أهلي يشاهدون المسلسلات غير المفيدة، ماذا أفعل معهم؟
2011-09-19 08:13:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة ابلغ من العمر17، وقد درست في مدارس تحفيظ القران وأتممت حفظ القران ودراسة علومة وانأ الآن أراجعه.
لدي مشكلة مع أهلي في المنزل، دائماً يشاهدون في التلفاز المسلسلات والبرامج ألغير مفيدة والتي لا تخلو من المحرمات، ودائماً يتركون صوت الموسيقى ولا يبالون بحرمته، وإذا نصحتهم رفعوا أصواتهم علي ويطلبون مني الذهاب إلى مكان آخر، وإذا أردت أن أقدم لهم بديلاً وطلبت منهم أن يشاهدوا قنوات إسلامية يجيبون أنهم لا يريدونها.
أنا أشعر بالضيق، وأني لا أستحق حمل كتاب الله إذا رأيتهم لا يستجيبون لي، حاولت هجرهم، لكن لم يفد هذا شيء.
أرجو منكم نصحي: هل أعتزلهم مع العلم أني إذا جلست معهم ونصحتهم أشعر وأني سأمرض دون أن يستجيبوا لي؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب، نحن سعداء بتواصلك معنا ، ونسأل الله تعالى لك التوفيق لكل خير.
لقد أحسنت غاية الإحسان أيتها البنت الكريمة حين بذلت جهدك في حفظ كتاب الله تعالى وتعلم علومه والاشتغال بمراجعته، وهذا عنوان سعادتك -إن شاء الله- في الدنيا والآخرة، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلك من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته، وأن ينفعك بالقرآن في دنياك وآخرتك.
ونشكر لك -أيتها الكريمة- اعتنائك بأهلك واهتمامك بدعوتهم إلى الله ونهيهم عن المنكرات، وهذا علامة على إيمانك ورجاحة في عقلك وحبٍ منك لأهلك، وننصحك بأن لا تملي هذا الطريق، فإنه طريق الأنبياء والصدّيقين والصالحين من قبلك الذين أفنوا أعمارهم في الدعوة إلى الله تعالى وتبليغ شرعه وتعليم الناس الخير، وتذكري دائمًا الثواب الذي أعده الله تعالى لمن يعلموا الناس الخير ويحضونهم عليه، بغض النظر استجابوا لك أم لم يستجيبوا فإن الهداية بيد الله تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وحسبك أنك قمت بما يُرضي الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن لم يستجيبوا لك اليوم فلعلهم يستجيبوا غدًا، وما ذلك على الله بعزيز.
ونوصيك أيتها الكريمة بأن تأخذي منهج الرفق واللين منهجًا وطريقًا في دعوة أهلك إلى الخير، فإن الكلمة الطيبة تترك أثرها في قلوب المدعوين لا محالة، والأسلوب الأحسن في إيصال الخير إلى قلوب الناس لا بد وأن يؤتى ثماره يومًا ما، فلا تملي أبدًا من نصح أهلك في البيت، وتحيني الأوقات المناسبة التي تظنين بأن يتأثروا بالنصيحة إذا سمعوها.
ومن المستحسن أيتها الكريمة أن تستعيني بوسائل الإقناع، فإن أهلك ينظرون إليك على أنك ابنتهم الصغيرة ومن ثم قد لا يعيرون الكلام حين يصدر منك اهتمامًا، فلو أنك استعنت بوسائل الإبلاغ كأن تتحيني أوقاتهم المناسبة فتسمعيهم موعظة تذكرهم بالآخرة وأهوالها، الجنة وأوصافها، النار وما فيها، فإن هذا النوع من المواعظ يطرد عن القلب الغفلة والسِّنَة، ويجعل الإنسان بنفسه يسعى ويبحث عما يقربه إلى الله تعالى ويباعده من سخطه.
فحاولي أن تسمعيهم المواعظ في الأوقات المناسبة لهم، وأن تُظهري لهم حبك لهم وحرصك على الخير لهم.
كما أنه من المستحسن أيضًا أيتها الكريمة أن تبدئي بالأمور الكبيرة في دعوتهم، مثل الحرص على الصلاة في أوقاتها وأدائها جماعة بالنسبة للذكور وكذا الإناث في البيت، فإن الاعتناء بأهم أمر لا بد من الانصراف إليه لاسيما حين ندعو الآخرين.
أما بالنسبة للهجر أيتها البنت العزيزة فإنه لا داعي له ما دام أن الهجر لا يؤثر فيهم، فإن الهجر لم يشرعه الله تعالى للعصاة والمذنبين إلا إذا كان سببًا لردعهم وزجرهم عن المنكر أو عن اقتداء الآخرين بهم، أما إذا كان لا يؤدي إلى شيء من ذلك المصالح فلا حاجة للهجر، وربما دوام تواصلك مع أهلك واتخاذك للين والرفق وسيلة في التخاطب معهم قد يكون له من الأثر في قلوبهم -إن شاء الله- ما ليس في سواه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه).
ولا حرج عليك في أن تجلسي معهم ما دمت تنكرين عليهم المنكر وتنصحيهم، وإذا رأيت أنه لا يستجاب لك فانصرفي عن المجلس الذي فيه المنكر، وتواصلي معهم بعد ذلك.
وخير ما نوصيك به أيتها الكريمة الالتجاء إلى الله تعالى بصدق، وأن تسأليه سبحانه وتعالى لأهلك الهداية والتوفيق للخير، ولن يرد الله -عز وجل- سعيك فارغًا، ولو لم يهتد من تدعينه إلى الخير، فلك في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة، وقد كان يحزن أشد الحزن فيسليه ربه سبحانه وتعالى، فاحرصي على الخير جهدك، وخذي بالأسباب الممكنة، وفوضي الأمور بعد ذلك إلى الله تعالى، وأنت مأجورة على ذلك كله.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.