ابني يعاني من حركات وضحك وأفكار لا إرادية.. ما العلاج؟
2011-09-08 09:29:34 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، جعله الله في ميزان حسناتكم، وأخص بالشكر الدكتور محمد عبد العليم الذي اكتسبت منه الكثير من المعلومات المفيدة .
ابني البالغ من العمر 15 سنة، أصيب بمرض نفسي قبل أكثر من عام، وكانت أعراضه كالتالي:
-دائم التفكير والسرحان، وكأنه في عالم ثان!
- يتحدث مع أشخاص في خياله، ويحرك شفتيه ويده، بسبب تفاعله مع الفكرة، وفي أغلب الأحيان يتخيل أنه في عراك مع شخص ما, أحيانا أحد من الأقارب وأحيانا أحد من أصدقائه.
- دون مقدمات يضحك وبشدة، بدون أسباب عندما نسأله عن السبب؟ يقول تخيلت شيئاً مضحكا, ويحدث ذلك حتى في الفصل الدراسي والأستاذ يشرح الدرس!
-أصبح يدخل الحمام ليستحم، ويبقى في الحمام لساعات بسبب التفكير دون الاستحمام، ويكتفي بالاغتسال بالماء فقط.
-رسب في كل المواد بسبب صعوبة التركيز.
- يسهر طوال الليل بسبب الأفكار, ويمشي في المنزل طوال الليل ويفكر.
كان يتفاعل مع الأفكار، لدرجة أنه أحيانا يبكي إذا كانت الفكرة حزينة، وأحيانا يغضب ويثور وأحيانا يضحك بهستيرية.
عندما أسأله يقول أنا أعرف أنها مجرد فكرة لكني أتضايق منها وكأنها حقيقة.
أخذته لطبيبة نفسية، فشخصت حالته بالفصام, وكتبت له زايبركسا 20 mg وديباكين كرونو 1000mg بالتدريج طبعا وصلنا لهذه الجرعات.
في تلك الفترة أدخل للمستشفى بسبب ثورانه وعصبيته إذا لم تلبى طلباته,والذي أدى إلى تكسيره لأغراضه حتى الثمينة.
بعد شهور طويلة من أخذ العلاج بانتظام كان التحسن بطيئا جدا، والآن بعد مرور 8 شهور من أخذ العلاج تحسن تركيزه كثيرا، وعاد للعالم الواقعي نوعا ما وأصبح يشاركنا الحديث ومشاهدة التلفاز، ولعب البلايستيشن، الحمد لله، المشكلة الآن أنه ما زال يعاني من أعراض تعيقه عن الوصول للشخص الطبيعي.
-لا زالت تأتيه أفكار وتخيلات في عقله، وعندما أناديه لأوقظه من الفكرة يقول قطعت علي الفكرة ولم تكتمل أحداثها! أفكار مضحكة وأفكار مؤلمة، وأفكار مغضبه, ويقول إنها تأتي خارجا عن إرادته.
أحيانا تكون الأفكار من تأليف عقله، وأحيانا يتذكر أحداثا حدثت حقا حتى ولو قبل سنوات طويلة، وتشغله لساعات طويلة.
_أصبح البعض في الشارع ينعته بالمجنون أو المعتوه، بسبب حركاته وتفاعله مع الأفكار، وبسبب تنويمه في مستشفى الطب النفسي لفترة ليست بالقصيرة .
_بالأمس تخيل أني أقوم بمشروع طبخ، مثل جارتنا، وأنا أعددت طبقا طلبه مني، وعندما جاء لاستلام الطبق كان إخوته قد أكلوا بعضا منه، وأنا شعرت بالحرج في الفكرة التي فكر بها، فحذرني من أن أقوم بهذا المشروع.
_عندما يتحدث معنا يكرر الكلام أكثر من مرة في نفس الوقت، دون أن يشعر، ويتحدث في أمور كالفرق بين المسيحيين والمسلمين.
_كثيرا من الأحيان يراقبني أثناء الصلاة، وعندما أنتهي يقول لي صلاتك خطأ وغير مقبولة.
_عندما يمر بقربي يطبطب على رأسي، وكأنها حركة تعود عليها، وأنا بسبب كثرة قراءتي للكثير من الاستشارات أشك في إصابته بوسواس قهري.
أنا محتارة، هل نستطيع إعطاءه دواء للوسواس، مع الجرعات العلاجية من الزايبركسا والديباكين؟ فهو خسر العام الدراسي الماضي بسبب مرضه، ولا زالت الأفكار وأنا خائفة من أن يخسر عاما آخر.
ساعدوني جزاكم الله كل خير، على تشخيص مرض ابني وكيفية علاجه.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أيمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
جزاك الله خيرًا على هذه الرسالة الطيبة، وهذه التفاصيل الدقيقة حول حالة هذا الابن الذي نسأل الله تعالى له الشفاء والعافية.
ما نقدمه لك من إرشاد ونصح هو في حدود الإمكانيات المتاحة، حيث إننا لم نقم بفحص الابن، لكن الحمد لله تعالى أنت تعيشين في البحرين، وهنالك الكثير من الإخوة الأطباء النفسانيين المتميزين.
لا شك أن الأعراض التي ذكرت في هذه الرسالة والتي يعاني منها هذا الابن هي أعراض أساسية، وأنا أتفق تمامًا مع ما ذكر أن هنالك نوعا من الاضطراب الذهاني، هذا الاضطراب قد يكون في شكل أعراض فصامية، لكن الذي لاحظته أيضًا أن الطبيبة قد وصفت عقار دباكين كرونو بجانب الزبركسا، والدباكين كرونو قلَّ ما يُعطى في حالات الفصام، فهو دواء يعطى في الأصل كمثبت للمزاج في حالات الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.
ربما تكون الطبيبة قد استشعرت أن هنالك مكونا وجدانيا بجانب الأعراض الفصامية، وهذا نسميه بالفصام الوجداني، أو ربما كانت الطبيبة أيضًا شعرت أن درجة هذا الاضطراب الوجداني ثنائية القطبية واضحًا بالنسبة لها، ولذا أعطت الدباكين كرونو، وأعتقد أن هذا إجراء صحيح، لأن كثيرا من هذه الحالات لا تستند على تشخيص واحد، إنما تكون فيها شيء من التمازج والاختلاط ما بين الأعراض هذا من ناحية.
من ناحية ثانية: أتفق معك تمامًا أن هذا الابن لديه بعض التوجسات الوسواسية، والتوجسات الوسواسية في الأصل تكثر جدًّا في مرحلة اليفاعة والطفولة، ومرحلة البلوغ، وحتى ما بعد البلوغ، هذه المرحلة العمرية تتميز بهذه السمات في كثير من الأحيان، وكثيرًا ما تكون الأعراض الوسواسية مصاحبة للأمراض الذهانية، لكن تعتبر أعراضًا ثانوية وليست أساسية، لذا تجد الأطباء دائمًا يحاولون اللجوء إلى معالجة العلة الأساسية، وبعد أن تنخفض الأعراض أو تنتهي – بإذن الله تعالى – تجد أن أعراض الوسواس قد انتهت، لكن في بعض الناس قد تظل هذه الأعراض موجودة.
أختي الفاضلة: هنالك نقطة فنية مهمة جدًّا، وهي أن هذا الابن إذا كان لديه أي نوع من القطب الوجداني الانشراحي، أي أن عصبيته وانفعالاته هذه ناتجة في الأصل من وجود اضطراب وجداني مع الأعراض الفصامية، في هذه الحالة قد يصعب حقيقة إعطائه مضادات الاكتئاب التي تعالج الوساوس، وذلك لسبب بسيط، وهو أن مضادات الوساوس والاكتئاب هذه ربما ترفع المزاج أكثر مما يجب، وهذه سوف تُدخلنا في إشكالية أخرى وهو أن اضطرابه الوجداني ثنائي القطبية سوف يظهر القطب الانشراحي الهوسي بصورة واضحة جدًّا، وهذه تزيد من علته.
لكن إذا كان الجانب الوجداني ليس بالكثرة أو الثبات، هنا أنا أعتقد أن الأدوية المضادة للوساوس ربما تكون جيدة وتساعد هذا الابن، وأكثر الأدوية التي تستعمل لعلاج الوساوس المصاحبة للذهان هو عقار زيروكسات، والذي يعرف علميًا باسم باروكستين.
أريدك أن تذهبي إلى الطبيبة وتطرحي عليها هذه الأفكار البسيطة التي طرحناها عليك، وأنا متأكد تمامًا أن الطبيبة سوف تتقبل ما ذكرناه، فإن كان التشخيص هو مرض الفصام زائد أعراض وجدانية، أو إذا كان التشخيص هو مرض الفصام الوجداني، أي أن أعراض الانشراح - والتي كثيرًا ما تظهر في شكل نوبات من الغضب والانفعالات وسرعة الإثارة – ليس من الضروري أن تكون المرحلة هوسية بالتمام، لكن مجرد سرعة الإثارة والغضب والانفعالات وكثرة الحركة هذه ربما تكون مؤشرًا على وجود هذا القطب الوجداني الانشراحي.
إذن الأمر يتطلب بعض النقاش مع الأطباء، وكما ذكرت لك يوجد مجال كبير جدًّا لأن يساعد هذا الابن بإضافة جرعة صغيرة من الأدوية المضادة للوساوس، والتي يحسن المزاج في الأصل، وكما ذكرت لك أن عقار زيروكسات هو الأفضل، لكن هذا الأمر يجب أن يناقش من خلال مقابلة الأطباء، لأن هذه الحالات تحتاج إلى رعاية خاصة، ودورنا هنا بالطبع هو إسداء مثل هذا النصح، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بذلك.
هنالك أمر آخر مهم جدًّا وهو: هذا الابن يجب أن لا ننقاشه كثيرًا في أفكاره، إنما نشجعه، نحفزه، نعطيه بعض المهام، نساعده لإدارة وقته بصورة صحيحة، أن يمارس الرياضة، هذا كله إن شاء الله نوع من التأهيل المعرفي، والتأهيل الاجتماعي الذي يحتاجه هذا الابن، وهذا مكوّن علاجي مهم جدًّا، أي أن الأدوية مهمة في حالته، لكن التأهيل خاصة من النوع الاجتماعي الذي ذكرناه أيضًا سوف يفيده بإذن الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.