أعاني من حالات قلق وتوتر... فما هو العلاج؟
2011-07-28 08:36:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 23، دكتور أنا أريد أن أشرح لك بعض الحاجات التي أعاني منها، وتقريبا هي نفسية طبعا، أنا أعرف أن سببها ناتج من الأهل، وهذا شيء أكيد، ولكن أريد أن آخذ استشارتك لأني دائما ما أفكر أن أذهب لبرفيسفور نفسي، أيضا عندي مشاكل مع نفسي نفسيا، لكني يوجد بي إصرار على تغيير أي سلوك أو أي حالة فيّ أعاني منها بنفسي، لكن ضروري الإنسان يخاف على مصالح نفسه وصحته حتى لا تتدهور، وخصوصا نفسية الإنسان مهمة، بأن يلجأ إلى أخصائي نفسي.
أنا لا أخاف مثل غيري، وبعض معتقداتهم أن الذي يذهب إلى دكتور أو أخصائي نفسي يكون مجنونا، ولا أؤيد هذا الكلام أبدا بالعكس، مثل ما أن الإنسان يمرض بأي مرض أيضا النفس تمرض وتصاب بحالات مثل الاكتئاب القلق والتوتر الخ، يمكن تكون بسيطة، ويمكن تتضاعف الحالة أو تكون مزمنة.
أنا يا دكتور أعاني من حالات قلق وتوتر حتى بأي شيء عادي، ولو كان شيئا جميلا أو أي أحد يفاجئني بمفاجأة سارة أتوتر وأضحك، أيضا عندما أعصب فجأة أضحك، وهذا الشيء معي وأنا طفلة، وأيضا عانيت الكثير من حياتي من مشاكل نفسية وأنا طفلة وإلى الآن، ولكن الحمد الله عندما الواحد يكبر ويكون عنده إصرار يستطيع أن يغير نفسه حتى لو لجأ لدكتور، أنا أعرف أنه هناك أمور تنزع التوتر، ألا وهي سماع القرآن والصلاة، وأيضا وممارسة الرياضة، علما بأني أحب ممارسة الرياضة، وخصوصا التزلج والمشي بكثرة، أحب المشي، وأحيانا وأغلب شيء أعاني من حالات شبه اكتئاب غير أيام الدورة شهرية، طبعا الكل تصاحبه هذه الأعراض تقلبات المزاج الخ، ولكن أنا فجأة تحدث معي هذه الحالة، وفجأة أشعر بأنني أريد أن أبكي وأتذكر مواقف وأحزن أو أسمع موسيقى حزينة، وهكذا أشعر بالحزن، وأظل أبكي إلى أن أرتاح.
لدي حساسية زائدة، أنا من النوع الذي يبكي بسرعة، ولكن أتمالك نفسي لو كنت أمام أشخاص، وأيضا أريد أن أنسى مواقف منذ الطفولة والمراهقة دائما أتذكرها، فقط أشعر بعقد تصاحبني في نفسي، وأظل أفكر كثيرا بحاجات قديمة وفي المستقبل، مترددة كثيرا، وأحيانا يأتيني نوع من الإحباط في أي شيء، مثلا الإقبال على أي وظيفة أو تكملة دراسة جامعية، أشعر بنوع من الملل أو أنظر إلى الناس الذين يضايقونني وأشعر بالغضب وضيق في نفسي.
علما بأني إنسانة طموحة جدا، أحب العلم والقراءة والثقافة بشكل عام منذ أن كنت صغيرة، أحب أن أقرأ كتبا علمية كثيرا إلى غاية اليوم، وأطمح أكثر وأكثر، لكن توجد عقبات تمنعني من قبل أهلي تسبب لي الإحباط؛ لأني حاولت وحاولت ولم أيأس ولكن ما باليد حيلة غير الدعاء، أريد أن أزيل التوتر والقلق الناشئ لديّ والحزن، وأن أكون جريئة أكثر بأسلوبي وطريقه كلامي بدون تردد حتى عندما أرى أي شخص يتخاصم أمامي أرتجف، أتمنى أن تفيدني يا دكتور.
ولك جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أنا لا أعتقد أن لديك مشاكل أساسية، أعتقد أن الأمر كله ينضوي تحت أن شخصيتك فيها بعض صفات القلق والتوتر، وهذا جزء من البناء النفسي للشخصية.
إرجاع الصعوبات إلى الأهل لا أعتقد أن ذلك أمر سليم؛ لأن مجرد المعتقد والإصرار على أن نجعل الأهل هم المسبب الرئيسي لمشاكلنا، ليس بالأمر الجيد، كما أن معظم الحالات النفسية لا نجد لها أسبابًا، لكن ربما تكون هنالك عوامل، وهذه العوامل تتفاعل وتتضافر مع بعضها البعض.
مثلاً أنا أعتقد أن النموذج الذي يشير إلى بعض صعوبات التربية، مع وجود شخصية حساسة وطموحة في نفس الوقت هو الذي جعلك تعيشين هذا القلق.
فإذن خلاصة الأمر والذي أود أن أصل إليه: لا تنظري إلى الماضي بتشاؤم، ولا تنظري له أبدًا بسوداوية، وحتى إن كان هنالك أخطاء في التربية من جانب الوالدين لا أعتقد أنها مقصودة، هي مجرد اجتهادات، وكل الآباء وكل الأمهات لديهم الحب الغريزي والجبلي حيال أبنائهم وبناتهم، لكن الآباء والأمهات يختلفون في طريقة التعبير عن هذا الحب وعن هذه المودة، وربما يُفهم العكس تمامًا من جانب الأبناء في تفسير تصرفات الآباء والأمهات.
إذن أنا أريدك أن تنظري إلى الأمور نظرة إيجابية، نظرة ليست تشاؤمية، فالماضي حاولي أن تضعيه في خزينة النسيان، أنت الحمد لله تعالى في سن تؤهلك لأن تعملي الكثير وأن تستفيدي من طاقاتك النفسية وطاقات الفكرية وكذلك طاقاتك الجسدية.
الناس غالبًا تفشل لأنها لا تضع خارطة ذهنية تدير من خلالها الأوقات، وعدم إدارة الزمن بصورة صحيحة والتلكع والتلكؤ وعدم وضوح الرؤيا فيما يخص الأهداف هي من أسباب الفشل والفشل يولد القلق والقلق يؤدي إلى المزيد من الفشل.
علمًا بأن القلق ذاته إذا وجهناه بصورة إيجابية سوف يساعد في بناء فكر جديد، فكر إيجابي، انفعالي، مفيد، ويحسن من دافعية الإنسان.
فالذي أرجوه منك هو أن تضعي برامج يومية، وكذلك برامج موسمية وبرامج سنوية لما تودين أن تقومين به، ولابد أن يقدم الإنسان مشيئة الله تعالى ويأخذ بالأسباب بطريقة فعّالة، وهذا هو مفتاح النجاح بالنسبة لكثير من الناس، أو أستطيع أن أقول كل الناس.
الذي لا يدير وقته بصورة صحيحة ولا يفهم إمكاناته ومقدراته الذاتية لن يتطور، أنت عليك أن تستكشفي نفسك، أن تستكشفي الطاقات الكامنة والداخلية فيك، وهذه هي التي سوف تغيرك وهي موجودة ولا شك في ذلك، وإدارة الوقت بصورة صحيحة سوف تساعدك أيضًا.
ممارسة الرياضة أمر جيد، وأنت حريصة على ذلك، وبجانب ذلك أود أن أقول لك أيضًا مارسي تمارين الاسترخاء، وهذه يمكنك أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
لا شك أن الصلاة الخاشعة وتلاوة القرآن وسماع القرآن والدعاء والذكر هي مدعمات أساسية لاستقرار النفس وطمأنينتها وإزالة القلق والتوتر، وهي دائمًا تفتح أبواب الخير للإنسان، ونحن الآن مُقدمون على رمضان، على موسم الخيرات، أعتقد أن هذه فرصة لأن يجدد الإنسان طاقاته الإيمانية، والتي سوف تحفزه وتدفعه للقضاء على القلق وعلى التوتر، وكذلك الأحزان.
لي نصيحة هامة لك وهي أن تكون لك الرفقة الطيبة، الإنسان يحتاج لمن يعينه على أمور الدين والدنيا، والأخذ بالقدوة الحسنة والنماذج الناجحة في الحياة دائمًا يعتبر أمرًا داعمًا ومفيدًا للإنسان من أجل النجاح.
والله الموفق.