والدي أمر زوجتي بالذهاب لبيت أهلها، فكيف أصلح الأمور بينهما؟
2011-07-28 07:38:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا يمني مقيم في السعودية، مشكلتي تكمن في عدم الاتفاق بين أهلي وزوجتي، حيث أنهم يعيشون في بيت واحد في اليمن، عندما أكون هناك لا تحدث مشاكل كثيرة، وبمجرد عودتي إلى السعودية تبدأ المشاكل بالظهور.
لا أدري لماذا، فكل طرف يبرر لموقفه، ولا أدري من أصدق؟ إلى أن تطورت الأمور، وفي يوم طلب أبي من زوجتي الذهاب إلى بيت أهلها دون أن تعرف الأسباب، وذلك بعد سفري بشهر تقريبا، حيث كنت متواجدا هناك، أمي تشتكي من زوجتي كونها لا تسمع الكلام ولا تنفذ ما يطلب منها على أكمل وجه.
أما أبي فكان له دور سلبي في عدم تقريب وجهات النظر بينهما، مع العلم أن والدة زوجتي ابنة عمتي وأبي خالها، حيث عمل أبي على تجاوز بعض الأخطاء من وجهة نظره (علشاني) وعلى أن البنت من عائلتنا.
وعندما صارت المشكلة انفجر الوضع وطلعت الأمور المخفية التي كان يسكت عنها! فهما يتهمان زوجتي بعدم احترامهما وسماع كلامهما، وعدم عمل الأشياء التي يطلبونها بوجه السرعة، فعندما أكون موجودا هناك أرى أن زوجتي نشيطة وتقوم بأعمال المنزل وكل ما يحتاجونه وبشهادة والدي، فما الذي يحصل لا أدري؟
حيث أن والديّ حارين في الطباع، وسريعي الانفعال، وكبيرين في السن، وهم في حاجتها، ولكن كبرياء النفس يمنعهما عن الطلب لحاجتها.
زوجتي أخذت موقفا من أهلي وأكثر من مرة أصطدم أنا وهي، وتصل الأمور بيننا إلى الزعل وعدم الاتصال، مع العلم أنها تحبني وأنا أحبها، فهي امرأة متعلمة ومتخرجة من كلية شرعية وتصغرني ب 3سنوات، ولي منها ولد، وهي الآن في منزل أهلها.
حاولت أن أقنعها بالرجوع إلى بيت أهلي لأنهم بحاجتها في الوقت الحالي، لأن أبي مريض بالسكر وعنده مشكلة هذه الأيام، وهي لا تريد الرجوع بحجة إمكانية حدوث مشكلة حيث أنها اعتبرت طلب أبي لها بالذهاب إلى أهلها بمثابة طردها من البيت.
فما العمل؟ أنا محتار وأريد حلا يقنع الطرفين وفي الوقت ذاته أريد أن آتي بها إلى السعودية، وحاولت أكثر من مرة مفاتحة أهلي بالموضوع بحجة أنها ليست في البيت فما استطعت، لأنه في كل اتصال تأتي الشكاوى من سوء الصحة وكثرة الحاجة فأصرف النظر عن الموضوع، وزوجتي تريد أن تأتي.
كل يوم اتصال تسأل عن هذا الموضوع، وأنا أتحجج لها بأي شيء لكي تنسى الموضوع دون فائدة، فأنا أحب أهلي وأحترمهم ولا أريد أن أزعلهم مهما يصير، وفي نفس الوقت محتاج إلى زوجتي وولدي.
فهذه مشكلتي وأسال الله أن توفقوا لإيجاد حل لها، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو مبارك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك -أيها الأخ- الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الإعانة لحل مشكلاتك، ونحن نكبر فيك أيها الحبيب حرصك على البر بالوالدين والقيام بحقهما، لا سيما في هذا السن، وهذا فرض عليك، لكنك لم تبيّن لنا باقي حالتك الاجتماعية من هل لك إخوة يعيشون في البيت ذاته أو لا، وهل هناك من يمكن أن يقوم بخدمة الوالدين أو لا؟ فهذه الأمور مهمة في تصور الحل الذي يمكن أن تقوم به أنت، لكن على أي حال أيها الحبيب ينبغي أن تعلم أولاً أن زوجتك ليس فرضًا عليها أن تقوم بخدمة والديك، وليس فرضًا عليها أيضًا أن تعيش في بيت واحد معهم، فإن من حقوق الزوجة أن تعيش في بيت مستقل بمرافقه، وليس عليها أن تخدم أحدًا غير زوجها، وفي خدمة الزوج خلاف مشهور بين العلماء، ولكن مع هذا أيها الحبيب ينبغي أن تُبنى العلاقة بينك وبين زوجتك وبينها وبين أهلك على الاحترام المتبادل.
ونحن نوصيك -أيها الحبيب- في هذا الشأن أن تكون داعية الخير والإصلاح بين أهلك وزوجتك، فتسلك السبل التي تُحبب أهلك إلى زوجتك، وتحببها إليهم، بقدر الاستطاعة، ومن ذلك أن تنقل لها عنهم الكلمات الطيبة، وليس هذا كذبًا، فإن الصلح بين الناس مما رخص فيه الشرع بالكذب، وليس كذّابًا من ينمي خيرًا أو ينقل خيرًا، كما جاء في الحديث، ومن ثم فبإمكانك أيها الحبيب أن توصل صورة لزوجتك عن والديك وأنهما يحبانها ويمدحانها، ولكنهما كثيرا الانفعال لكبر سنّهما وللأمراض التي أصيب بها الوالد، ونحو ذلك من الكلمات التي تطيب بها خاطر زوجتك.
كما نوصيك أيضًا بالقيام بإكرام هذه الزوجة بقدر الاستطاعة في مقابل ما تبذله من جهد وخدمة للوالدين، وصبرها كذلك على ما تلقاه من الأذى في مقابل هذا، فينبغي أن تكون حكيمًا حازمًا في أمرك فتُكرم هذه الزوجة بما يطيب قلبها من الهدايا والأعطيات ونحو ذلك، وتُبين لها بأنك تُكرمها أولاً لمحبتك لها لأنها زوجة لك، وتكرمها أيضًا ثانيًا لما تقوم به وتقدمه لوالديك، مع اعترافك لها بالفضل ومقابلة ما تبذله بالشكر، فإن النفوس مجبولة على حب الإحسان.
وظننا أيها الحبيب بأن الزوجة إذا وجدت هذا النوع من المعاملة منك فإنها ستتغلب على نفسها وستتحمل ما قد يصل إليها من أذى.
وفي المقابل أيضًا ينبغي أن تنقل لوالديك صورة حسنة عن زوجتك وأنها تحبهما وتثني عليهما وتدعو لهما -ونحو ذلك من الكلمات- إلا أنها لا تدري ما الذي يُزعجهما منها، ونحو ذلك من الكلام.
وبهذا الأسلوب أيها الحبيب أن تقارب بين القلوب، ولا بأس بأن تتلطف بالوالدين وتفهمهما الحقيقة بأن هذه المرأة هي ابنة الناس وعليها واجبات شرعية، وليس من هذه الواجبات القيام بالخدمة، فينبغي الترفق والتلطف بها بقدر الاستطاعة، وشكرها على ما تقوم به إذا فعلت لهما خيرًا، ونحو ذلك من الكلمات الطيبة، لكن ينبغي أن يكون هذا برفق ولين مع الوالدين.
وإذا أردت أن تأخذ زوجتك إليك في بلاد الغربة فإن عليك في المقابل أن تقوم بتوفير الخدمة اللازمة للوالدين والرعاية لهما ما داما يحتاجان إلى ذلك، وبإمكانك أن تستأجر لهما من يقوم لهما بالخدمة فيما يحتاجانه إذا لم يكن لك إخوة أو أخوات يقوموا بهذا الدور، مع محاولة التلطف بالوالدين بقدر الاستطاعة، لكنا لا نوصيك الآن بذلك إن كنت تقدر على الإصلاح ما بينهما وبين زوجتك، وبإمكانك أن تعتذر لزوجتك عن عدم إكمال إجراءات السفر الآن لمشقة الإجراءات، ونحو ذلك من الكلمات التي فيها أسلوب التورية بأن لا تكذب عليها صراحة، ولا تقطع رجاءها وأملها في الذهاب كليًّا، حتى لا ترجع إلى البيت مع الشعور بأن والديك السبب فيما تجده من البُعد عن زوجها، فحاول أن تُفهمها بأن السبب في عدم سفرها أمور الإجراءات ونحو ذلك، إلى أن تستطيع تدبير أمر الوالدين ومن يقوم بخدمتهما.
ونوصيك أيها الحبيب بكثرة الدعاء -لله سبحانه وتعالى- واللجوء إليه بصدق واضطرار أن يهيأ لك من أمرك يُسرًا، وأن ييسر لك من يتولى إعانتك على رعاية والديك، وإن استطعت أن ترجع أنت إلى اليمن بعد أن توفر لنفسك ما تحتاج من مصدر رزق، فإن في ذلك خير كثير.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمورك كلها، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه ويغنيك بفضله عن من سواه.
والله الموفق.