طرق التخلص من العصبية مع الأطفال والزوج
2010-12-12 08:09:14 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من عصبية شديدة مع أطفالي (5 - 3 سنوات)، والأشياء لا تبدو مزعجة لكثير من الناس، والذي يؤلمني حقاً أني أشعر بأثرها في صدري وكأن الغل يملؤني، ومن ثم أصالحهم وأستسمحهم، مع العلم أن العصبية ليست من طباعي ولا أدرى ما السبب.
ملحوظة: علاقتي بوالدهم متوترة، فهو دائماً متقلب المزاج يغضب مني لأتفه الأسباب، ويصرخ فيّ ويتجاهلني وأنا الذي أصالحة دائماً ولا أستطيع معه أن أعبر عما بداخلي، فالكلام دائماً يتعثر على لساني في حين أنه يلقي اللوم عليّ دائماً، بدأت أشعر أني حزينة دائماً.. أبكي كثير وأدخل المنتديات لقراءة المشكلات الزوجية لعلي أجد ما يخفف عني.. أصبحت أنسى كثيراً.
علاقتي بربي أصبحت سيئة، حتى صلاتي وحفظي للقرآن واستهانتي بالمعصية، ولا أدرى ماذا أفعل؟ بالله عليكم أفيدوني، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد قرأنا رسالتك وتفهمنا ما فيها من معاناة، ونؤكد لك أن مشكلتك بسيطة، ولكنها بحاجة إلى قليل من التفهم وترتيب الأمور، وهي سلسلة مترابطة، فعصبيتك تجاه الأولاد جزء منها يعود إلى علاقتك بزوجك الكريم، فعملية الشحن المتكرر من قبل الزوج وما يقابله من كتمان وعدم حوار من قبلك، يولد عندك فائضاً من الطاقة المكبوتة والتي لا تجدين مجالاً لتفريغها إلا أمام أولادك، فقط تنتظرين منهم أدنى حجة أو مشاغبة لتفريغ هذه الطاقة على شكل نوبات عصبية وصراخ، وقد ذكرت ذلك بنفسك بأن الأسباب تافهة، وأن صدرك يملؤه الغل، وهذا الغل الذي تذكرينه هو المعاناة المحبوسة بسبب الشحن السلبي من قبل الزوج.. هذا ما يتعلق بتوصيف وتشخيص المشكلة.
أما ما يتعلق بالعلاج فهو كالتالي: إذا عرف السبب بطل العجب كما يقال، لذلك فأول خطوة هي التفكير الجدي في إصلاح الخلل من قبل الزوج، بمعنى معرفة الدوافع التي تجعله عصبياً متقلب المزاج كما تصفينه! هل هي ضغوط في العمل أم هي ضغوط في المنزل، وما طريقة تعاملك معه؟
إذن: عليك بالبحث في هذين السببين المؤثرين في شخصية زوجك الفاضل: الضغوط الداخلية في البيت، والخارجية في بيئة العمل.
نحن نظن بك خيراً، وأنك تعاملينه بتقدير واحترام، لكن مع ذلك فاتهام النفس مطلوب في هذه الحالة لتفادي أي تقصير من قبلك، فمراجعة طريقتك في الكلام وتلبية رغباته الشخصية، وحسن التبعل له هي من مقومات شخصية المرأة الناجحة.
كما يمكن أن تخففي عنه أعباء وضغط العمل – على افتراض وجودها – بأن تتسللي لحياته الخاصة وبيئة عمله عبر توجيه بعض الأسئلة غير المباشرة، وتحثيه على أن يبوح بكل ما عنده ويتكلم كثيراً عن انطباعاته ومواقفه هنا وهناك، لإحداث نوع من التفريغ النفسي بطريقة مناسبة بدلاً من تفريغها على رأسك على شكل صراخ وعصبية!
الآن نأتي إلى المشكلة الرئيسية في سؤالك: عصبيتك مع أولادك، لا نخفي إعجابنا بأسلوبك التصالحي والتسامحي مع الأولاد، فهذا الأسلوب له أثران إيجابيان:
الأول: مسح الآثار السلبية السابقة، بالإضافة إلى تعليمهم وتربيتهم على مبدأ الاعتذار عن الخطأ.
في اعتقادنا أن هذه الظاهرة لن تنتهي إلا بانتهاء أسبابها كما بينا آنفاً، لكن يمكن التخفيف منها كثيراً عبر اتباع استراتيجية مقاومة الغضب والتي وردت في الهدي النبوي من الوضوء، أو الجلوس إن كنت قائمة، أو الخروج من مكان الحدث، وكذلك الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم.
كما يمكن تقوية جانب العلاقة بينك وبين أبنائك بالتحفيز والتشجيع على الأعمال الإيجابية، ومدحهم المستمر على ذلك، وإظهار أنك تحبينهم، وتكرار كلمة أنا أحبكم من وقت لآخر أمامهم.
بقي نقطتان أخيرتان نحب أن نشير إليهما: الأولى وهي تقوية جانب الحوار الإيجابي بينك وبين الزوج، وذلك بالتثقيف والقراءة في هذا الجانب.
والثانية: وهي أن لجوءك إلى قنوات مختلفة لتفريغ الشحنة النفسية كالمواقع الإلكترونية وغيرها، يعتبر نوعا من الحل المؤقت فقط، لكن ينبغي علاج المشكلة من جذورها الأساسية، ثم أخذ الحيطة والحذر عند اللجوء لمثل هذه القنوات والمواقع.
أخيراً لا ننسى بأن القلوب بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء، فاسألي الله تعالى على الدوام أن يعصمك ويثبت قلبك ويهدي زوجك وأبناءك، ولا شك أن بداية المشوار هو إصلاح علاقتك بربك أولاً، فالصلاة على وقتها وحفظ الجوارح مما يُغضب الله تعالى كفيل بأن يفتح لك أبواب الرحمة والسعادة والأمان.
ونحن على يقين بأنك تحبين ربك وتحبين طاعته، وما هذه الآثار إلا سحابة صيف عن قريب تزول بإذن الله تعالى بحسن التدبير والثقة بالله تعالى، نسأل الله عز وجل أن يصلح لك قلبك وزوجك وأبناءك، وأن يجعلهم ذرية صالحة، وأن ينزل على بيتكم السكينة والاطمئنان.
والله الموفق.