الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ طوبال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فإن مجمل الحالة التي أصبت بها هي نوع من المخاوف القلقية، والتي تتميز بوجود وساوس، وهذا بالطبع أدى إلى ما يمكن أن نسميه بالاكتئاب الثانوي، مما جعل الفكر السلبي الانتحاري يأتيك فيما مضى، ولا شك أن مثل هذه الأفكار يجب أن تحقر، يجب أن يستعيذ الإنسان بالله تعالى من الشيطان الرجيم.
أخي الكريم! أنت لديك أشياء طيبة، ولا شك أنها جيدة في حياتك حتى تعيش من أجلها، والمسلم يجب أن يكون متوكلاً، وأن يقبل بمثل هذه الابتلاءات، ولا شك أن موقف الإسلام واضح جدّاً من الانتحار، وبفضل الله تعالى حسب ملاحظاتنا وفي دراسات كثيرة رأينا أن الدين الإسلامي هو من أكبر عوامل الوقاية من الانتحار، فنسبة الانتحار قليلة جدّاً بين المسلمين بفضل الله تعالى، مقارنة بما نشاهده في العالم الغربي.
من الضروري جدّاً أخي الكريم أن تكون لك أفكار إيجابية، وهذه الأفكار الإيجابية حين ترسخها وتستبدل بها الأفكار السلبية سوف تجد أن التغيرات بدأت في حياتك، وهذه التغيرات دائماً يحس الإنسان في داخل نفسه أن هنالك إضافات إيجابية جديدة بدأت تحدث في حياته، وأنصحك أن تعيش حياتك بقوة، وأن تنظر للمستقبل بأمل ورجاء.
بالنسبة للعلاج الدوائي أقول لك: إن الـ (سبرالكس Cipralex) والذي يعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، ويسمى لديكم في الجزائر باسم (سيروبلكس) هو من الأدوية الممتازة جدّاً ومن الأدوية الفاعلة، ويتميز بدرجة عالية جدّاً من النقاء والسلامة، وهو لا يتفاعل سلبياً حتى مع الأدوية الأخرى، كما أنه ليس إدمانياً وليس تعودياً.
آثاره الجانبية بسيطة جدّاً، تتمثل في زيادة الوزن البسيط الذي قد يحدث لبعض الناس وليس كلهم، وهو أيضاً قد يؤدي إلى تأخير القذف قليلاً لدى بعض الرجال، وهذا لا ينتج عنه أبداً أي مضار فيما يخص الإنجاب أو مستوى هرمون الذكورة، وهذا أيضاً قد لا يحدث، النسب تشير أن حوالي عشرين بالمائة من الناس من الذين يلاحظون هذه الظاهرة.
بالنسبة للجرعة، فجرعة الدواء تقسم إلى جرعة بداية، وجرعة علاج، وجرعة استمرار ووقاية، والدراسات كلها أشارت أن طول فترة العلاج هو المؤشر والمحدد الرئيس لاستمرارية التحسن، وبما أن هذه الأدوية سليمة فيجب ألا ننزعج أبداً حول مدة العلاج.
جرعة السبرالكس المطلوبة هي عشرة إلى عشرين مليجراماً يومياً، هذه هي الجرعة العلاجية، وفي بعض الحالات قد نضطر ونرفع الجرعة حتى أربعين مليجراماً في اليوم، ولكن هذا يجب أن يكون في نطاق ضيق، وتحت الإشراف الطبي.
أنت الآن تتناول عشرة مليجرام، وأقول لك - أخي الكريم -: هذه جرعة طيبة وسليمة جدّاً، وما دمت قد أحسست بالتحسن الحقيقي معها فليس هنالك ما يدعو أن تزيد من الجرعة، ولكن يجب أن تستمر عليها من الآن لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك خفض الجرعة واجعلها خمسة مليجرام لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوماً بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.
في بعض الحالات قد تحدث انتكاسة، وهذا يحدث لأربعين بالمائة من الناس، ولا سمح الله إذا حدثت لك أي انتكاسة فليس هنالك ما يمنع أبداً من أن تتناول الدواء مرة أخرى ولمدة أطول، فبعض الناس يحتاج لجرعة وقائية، والعشرة مليجرام تعتبر أيضاً في نطاق الجرعة الوقائية، بالرغم من أنها جرعة علاجية في ذات الوقت.
التدعيمات السلوكية التي تقوم على تطوير المهارات الاجتماعية، التفكير الإيجابي، إدارة الوقت بصورة جيدة، محاولة بناء الذات، ممارسة الرياضة باستمرار، هذه كلها وجدت كوسائل سلوكية ممتازة جدّاً تمنع الانتكاسة.
بمعنى آخر أن الدواء جيد ويزيل الأعراض تماماً، لكن بعض الناس ربما ينتكس بعد التوقف منه، أما الذين يواصلون ويدربون أنفسهم ويطورون مهاراتهم السلوكية؛ فلا شك أنهم أقل الناس انتكاسة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكر لك التواصل مع (إسلام ويب).
وللمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: (
272641 -
265121 -
267206 -
265003 ).