السؤال
السلام عليكم
ما فوائد الزواج عند المرضى بالهم، والاكتئاب، والوسوسة القهرية، والخوف، واعتزال المنزل والمجتمع؟
السلام عليكم
ما فوائد الزواج عند المرضى بالهم، والاكتئاب، والوسوسة القهرية، والخوف، واعتزال المنزل والمجتمع؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا شك أن للزواج فوائد عظيمة جدّاً للمرضى وغير المرضى، يسأل كثير من الناس من الأخوة والأخوات الذين أصيبوا بهذه العلل النفسية من هم واكتئاب ووساوس ومخاوف عن مدى مقدرتهم على الزواج، وإن كان الزواج سيكون مفيداً بالنسبة لهم؛ فالشيء الصحيح هو أننا نقوم بتدارس كل حالة لنعرف مصادر القوة ومصادر الضعف في الشخصية، ونعرف مصادر الالتقاء ونقاط الخلاف التي ربما تنشأ في الزواج، ومن خلال ذلك نقوم بإعطاء التوجيه النفسي العام، وبصفة عامة فالزواج مفيد جدّاً بالنسبة للأشخاص المصابين بالهم والاكتئاب والمخاوف والشعور بالعزلة، فهؤلاء أرى أن الزواج مفيد جدّاً بالنسبة لهم، وحتى لمرضى الوساوس القهري يعتبر الزواج مفيد إلا إذا كانت هذه الوساوس متعلقة بالمعاشرة الزوجية، أو أن الوساوس من النوع المتسلط فيما يخص الذرية: هل هذا ابني أم ليس ابني وهكذا؟ ففي هذه الحالة نقول أن الشخص لو صبر حتى يتم علاجه ثم بعد ذلك أقدم على الزواج سيكون هذا هو الأفضل.
أرجو أن أؤكد لك أن الزواج يكون علاجاً مفيداً لكثير من الحالات النفسية، وإذا رجعنا إلى السياق القرآني: (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ))[الروم:21] فالزواج يقوم في الأصل على السكينة والمودة والرحمة وتفكر، وهذه قمة دعائم الصلات الإنسانية، هذا الزواج هو صلة نفسية، والإنسان المهموم أو المكتئب حين يجد من يبادله السكينة ويسكن إليه ومن يبادله المودة والمحبة والرحمة ويتفكر معه؛ فهذا بالطبع سوف يزيل الكثير من همه وغمه وسوف يشعره بكينونته ووجوده، وأنا أعرف الكثير من الزيجات الناجحات جدّاً بين الأشخاص الذين يعانون من علل نفسية، أحدهما أو كلاهما.
الشيء الضروري هو إذا أقدم الإنسان على الزواج من امرأة لابد أن تتعرف مسبقاً على حالتها النفسية، وهذا بالنسبة للفتيات أيضاً، يأتيني الكثير من الذين يتلقون العلاج النفسي هل مناسبين للزواج أم لا؟ نحن لا نعطي أي معلومة عن أي إنسان وذلك حفظاً لحقوق الناس وخصوصيتهم إلا إذا كانت هنالك موافقة من الطرف الآخر، فلابد أن يكون هنالك صراحة من اللحظة الأولى وهو ضروري جدّاً؛ لأن الطرف الآخر يجب أن يعرف لأنه سيكون الشخص الأساسي في حياة المريض وسوف يكون الشخص الذي يستطيع أن يساعده ويتفهمه، وبالتأكيد هذا يساعد كثيراً في تقدم الصحة النفسية بالنسبة لذاك الإنسان.
وأنا ضد أن تخفى الحقائق، لابد أن تعرف الحقائق كاملة، ومن الأفضل إذا أرد الشخص أن يشرح للطرف الآخر أن يذهب به إلى الطبيب المعالج؛ لأن الطبيب يعتبر شخصاً مهنيا ومحترفا وسوف يتعامل مع الأمور بمهارة ويبتعد عن العواطف المطلقة.
حين الإقدام على الزواج إذا كنا نعاني من أي علل نفسية يجب المصارحة بها وعدم كتمانها، وعموماً حتى مرض الفصام لا أعتقد أنه مانع للزواج، ولكن بالطبع هنالك تحوطات لابد من اتخاذها، ولابد أن تؤخذ كل حالة على حده، وهذا أمر ضروري جدّاً، ويجب أن نعرف أن في أوقات الضعف التي تأتي للإنسان في حياته أفضل من يقف بجانبه هي الزوجة الصالحة، وكذلك بالنسبة للزوجة أفضل من يساندها ويقف بجانبها هو الزوج الصالح، المرض النفسي ربما يمثل حلقة من حلقات الضعف في الحياة الإنسانية ولكنه ليس من الضروري أن يكون محطما أو مفتتا للذات، وعليه فيمكن للإنسان أن يعيش حياة طبيعية بالرغم من وجود الأعراض النفسية، بل على العكس تماماً يمكن أن يكون الزواج الموفق والمدروس سبباً ووسيلة في إزالة الأعراض النفسية، والمساعدة للوصول للشفاء بإذن الله تعالى.
هنالك جانب آخر وهو تخوف الناس من وضع الذرية، فالكثير يتخوف من الجوانب الإرثية، أي أن المرض ربما يظهر في الأبناء والبنات، فهذه النقطة نقطة ضرورية ومهمة ونحن نعترف أن هنالك بعض الميول للأمراض النفسية أن تجرى في الأسر، ولكن لا يوجد إرث مباشر، ربما يوَرث الاستعداد للمرض في نسبة قليلة جدّاً من الذرية، ولكن لا يورث المرض نفسه، وأنا في نظري أن هذه النقطة يجب ألا تزعج الناس مطلقاً.
وبالله التوفيق.
حفظكم الله ومتعكم بالصحة و العافية.
شكرا لكم
شكرا لكم اسعدتموني
شكرا
شكرا لكم على التوضيح