الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركته منذ سنوات لكني لا زلت أحبه وأريده زوجًا لي!

السؤال

السلام عليكم.

كنت على علاقة بشخص، وكان يحبني، ولكني قطعت العلاقة منذ 6 سنوات، خوفًا من الله، وخوفًا من أهلي؛ فلم أشأ أن أعمل شيئًا بدون علمهم، والآن نحن تخرجنا، ونعمل، وما زلت أحبه، وأريده زوجًا لي، ولكن ليس بيننا أي اتصال حاليًا، وعلمت أنه قد التزم منذ فترة كبيرة، وأنا أيضًا لدي قدر من الالتزام، وعندما تركته فقد تركته فجأةً دون سابق إنذار، ولم أعطه أي فرصة للنقاش، ولم أبرر له السبب، فقد كنت أخشى من ضغطه علي، فماذا علي أن أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بكِ في استشارات إسلام ويب.

بدايةً: نسأل الله أن يُثبتك على التوبة والاستقامة على أمره، ونبشرك بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدّلك الله به ما هو خير لك منه" (رواه أحمد)، فنسأل الله أن يجعل عوضك خيرًا.

أختي الفاضلة: من المهم جدًا في مثل هذه العلاقات الحرص الشديد على السير وفق منهج الله تعالى وشريعته؛ حتى يبارك الله فيها، ويحقق لك مقاصدها، لذلك يجب تجنب اتباع رغبات النفس؛ حتى لا تنزلقي في خطوات الشيطان؛ فالتهاون في حدود الله تعالى يتسبب في حدوث ما تندمين عليه، ومع اندفاع العاطفة، والرغبة الشديدة في الارتباط بهذا الشاب، قد يجرك الشيطان إلى التهاون في بعض الأمور التي قد تضرّك، لذا نوصيك بخطوات مهمة للتعامل مع هذا الموقف:

الخطوة الأولى: الحرص الشديد على الاستقامة على منهج الله، واتباع الشرع، وعدم الانجرار وراء العواطف المجردة وخطوات الشيطان.

الخطوة الثانية: إدراك الواقع الاجتماعي والأسري؛ فمن المهم أن تفهمي خصوصية مجتمعك، والعادات، والتقاليد، والأعراف، حتى لا تصطدمي بها، ويكون ذلك سلبيًا في بناء هذه العلاقة، فإقدام الفتاة على إظهار حبها للشاب، أو إخبار الآخرين بتلك العلاقة القديمة، قد يجرّ عليكِ العديد من النتائج السلبية، لذا يجب التعامل مع هذا الأمر بحذر شديد، ومراعاة للنتائج المتوقعة.

الخطوة الثالثة: بما أنك تركتِ هذه العلاقة منذ سنوات طويلة، فربما يكون هذا الشاب قد تغيرت ميوله، وربما قد تزوج أو كان خاطبًا لفتاة غيرك، لذلك من الضروري التأكد من حالته الحالية بأي طريقة مناسبة لا تسبب لك الحرج.

الخطوة الرابعة: دراسة مدى نجاح هذه العلاقة من جوانب أخرى؛ فالحياة الزوجية ليست مجرد حب وإعجاب، بل تتطلب توافقًا، وانسجامًا، وقدرةً على بناء أسرة.

إذا تأكدتِ من هذه الأمور، وكنتِ واعيةً بها، فيمكنكِ أن تختاري من تثقين بدينه وأمانته، كأمك مثلاً، أو خالتك، أو أختك الكبرى، لتخبريها بميل قلبك لهذا الشاب، بشرط أن تكون أمك متفهمةً لهذا الأمر، وتتعامل معه بوعي، وبصيرة، وسرية تامة، ويمكن بعد ذلك أن تتولى هي التواصل والبحث مع أهل هذا الشاب بطريق غير مباشرة؛ لتلفت انتباهه بأي وسيلة، ليتقدم لخطبتك، إذا كان هناك نصيب، ولا تزال هناك رغبة لديه، فالأم أكثر إنسان يحرص عليك، ويتمنى لك السعادة، مع التأكيد على ضرورة أن لا تخبري أحدًا بفترات التعارف الماضية التي تبت منها، وسترها الله عليك، وأيضاً إن كنت تعرفين فتاة متزوجة موثوقة، وزوجها يعرف هذا الشاب، فيمكن الكلام معها عن الموضوع لتجعل زوجها يذكرك له، فقد يوفق الله بينكما. فإذا تحقق المطلوب بهذه الطريقة -فالحمد لله-، وإن لم يحدث، فليكن قلبك مطمئنًا بما اختاره الله لك.

أختي الفاضلة: من المهم أن تعلمي أن مجرد الإعجاب أو الميل القلبي لا يعني بالضرورة نجاح الزواج، لذلك من المهم جدًا أن تستخيري الله تعالى، وأن تكثري من الدعاء بأن يختار لك الخير، ويوفقك إليه، وهذا سيوصلك للرضا بما قسمه الله لك، ولا بأس أن تسألي الله تعالى أن يجمعك بهذا الشاب زوجًا لك إذا كان فيه خير.

أخيراً، أختي الدعاء ليس بقليل، ولا يضيع إذا صدر بصدق وإخلاص، فكم من أمرٍ نراه ونظنّه خيرًا وتكون عاقبته شرًا، والله تعالى يقول: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

وفقكِ الله وسدد خطاكِ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً