الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن للرجل أن ينصح امرأة أجنبية دون الوقوع في محذور؟

السؤال

السلام عليكم

أردت طرح سؤال بخصوص النصح، فلقد علمت عن النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- أنه قال:(من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).

هناك امرأة متزوجة اشتكت لي من زوجها وعرضت لي أسبابها للطلاق، وسبب استشارتي تحديدًا أني على سابق معرفة بأهلها، وكان عندها طفل، فحاولت الإصلاح بكل جهدي، والحمد لله وفقني للإصلاح، ولكن من طرف واحد، وبعدها منعًا لزيادة الكلام مع هذه المرأة قمت بحظرها.

سؤالي هنا: هل أخطأت عندما تحدثت معها؟ وهل كان من الأفضل ألا أتحدث معها وأتركها؟ مع العلم أنها كانت على وشك الوقوع بمعصية أكبر، وقد قمت بتحذيرها، وتوعيتها، وتذكيرها بالآخرة، والدين، والأسرة، وطفلها وغيره.

فهل كلامي معها للنصح يحسب وزرًا على عاتقي، وإن كانت نيتي عدم وقوعها في خيانة زوجية، وهدم بيتها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ayman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، ونشكر لك حرصك على الوقوف عند حدود الله تعالى، والحذر من معاصيه وارتكاب محارمه، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدًى وصلاحًا.

كما نكبر فيك -أيها الحبيب- يقظتك وانتباهك لمداخل الشيطان وخطواته، فإن الشيطان يستدرج الإنسان إلى المعاصي والقبائح خطوةً خُطوة، وقد حذرنا الله تعالى من خطوات الشيطان حين قال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}.

كما حذّرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من فتنة المرأة أبلغ تحذير، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "إن المرأة إذا أقبلت أقبلتْ بشيطان، وإذا أدبرت أدبرت بشيطان"، فالشيطان يحفّ علاقة الرجل بالمرأة، وحريص على الإيقاع بهما، ولهذا جاءت الشريعة الربَّانية التي أنزلها الرب الخالق، الذي يعلم ما تنطوي عليه النفوس، جاءت هذه الشريعة بسدِّ الأبواب، وقطع الذرائع قبل الوقوع فيما حرَّم الله تعالى من الفواحش، فحرَّمتْ خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، وحرّمت على الرجل النظر إلى المرأة الأجنبية إلَّا لحاجة وبقدر هذه الحاجة. كما حرّمت مماسّة الرجل ولمسه للمرأة الأجنبية، ومنعت المرأة من الحديث مع الرجل إلَّا بحديثٍ لا يُثير الفتنة وتدعو إليه الحاجة، فقال سبحانه وتعالى موجّهًا الخطاب لأشرف النساء وأطهر البيوت، وهنَّ أُمّهات المؤمنين أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لهنَّ: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.

كلُّ هذه التوجيهات الربَّانية والأحكام الشرعية المقصود منها سدّ أبواب الفتن، وإغلاق الطرق المُؤدّية إلى القبائح، وقطع الطريق على الشيطان ومحاولته إغواء هذا الإنسان، ومن ثمّ ينبغي التعامل مع هذه الأمور بجدٍّ وحرص، وأن يُدرك الإنسان بأنه ضعيف، وأن الشيطان قد يستدرجه ويستهويه، فينبغي أن يكون حذرًا على نفسه، وهذا ما تفعله أنت. نسأل الله تعالى أن يزيدك هدًى وصلاحًا.

وأمَّا ما مضى -أيها الحبيب- من الكلام مع هذه المرأة، فنرجو الله تعالى أن يكتب به الأجر ما دمت تفعل ذلك بقصد الخير، وقصد الإصلاح، ولكن احذر من التواصل مع هذه المرأة، أو تختلي بها؛ فإن الشيطان قد يجرُّك إلى الشر، ويبدأُ ذلك بشيءٍ من الخير حتى يُوقعك فيما لا تُحمد عاقبته، فإن احتجت إلى التحدُّث مع امرأة أجنبية، فينبغي أن تُراعيَ الضوابط الشرعية، من عدم الخلوة والانفراد بها، والرسائل والتواصل اليوم عبر الوسائل نوعٌ من أنواع الشر، والذي يُؤدي إلى قبائح ربما أكبر من الخلوة الجسدية، في مكانٍ قد يخشى الإنسان الاطلاع الناس عليه، فينبغي لك أن تحذر كل الحذر من هذا.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات