الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفيت زوجتي، فكيف أقوم بدوري ودورها في تربية أبنائنا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله على كل حال، والصلاة والسلام على نبي الرحمة سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

توفيت زوجتي -رحمها الله تعالى- منذ فترة قصيرة جدًا، بعد صراع مع المرض الخبيث -عافاكم الله-.

يشهد الله أني كنت معها خطوة بخطوة، طوال سنوات مرضها لا أفارقها، أقوم على خدمتها، أطعمها وأسقيها بيدي، وأني أحببتها في مرضها أكثر مما أحببتها في صحتها، كنت لها الزوج والأب والأخ والصديق، وأحتسب أجري عند الله سبحانه وتعالى.

رزقني الله الكريم بثلاثة أطفال، بنتين وولد، أكبرهم بالعمر 16 عامًا، وهي بنت، والابن بعمر 13 عاماً، والصغيرة بعمر 10 سنوات، ولا أفكر نهائيًا بالزواج؛ إكرامًا ووفاء لزوجتي -رحمها الله-، ولا أريد أن أظلم أولادي؛ لأنها مهما كانت لن تكون مثل الأم.

لذلك: أسألكم أولاً الدعاء لزوجتي -رحمها الله-، وثانيًا: أسألكم النصيحة، كيف أتعامل مع أولادي بهذا العمر؟ كيف أكون لهم الأب والأم بذات الوقت؟

جزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هيثم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة تجاه الزوجة، نسأل الله أن يرحمها رحمة واسعة، وأن يكتب لك ما قمت به ويجعله في موازين حسناتك.

ونبشرك بأنك ستنال الخير الكثير برًا في الأبناء، وتوفيقًا في الحياة -بإذن الله-. والوفاء قيمة عظيمة ينبغي أن يتعلمها الأزواج من رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، أوفى الأوفياء، الذي ظل يذكر خديجة -رضي الله عنها وأرضاها-، بل ظل يعرف لها الوفاء حتى في صديقاتها ومعارفها -رضي الله عنها وأرضاها-.

فالوفاء من شيم الكرام، ونحن نسجل إعجابنا بما حصل منك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك ولها الأجر، وأن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه إنه على كل شيءٍ قدير، وهنيئًا لك بهؤلاء الأبناء الذين سيحملون اسم هذه الزوجة التي نالت منك الوفاء، وتعلموا منك -بلا شك- دروسًا عظيمة، فإننا نُعلم أبناءنا بأفعالنا قبل أقوالنا.

أما بالنسبة للتعامل معهم:
أولًا: بحمد الله وتوفيقه معظمهم وصلوا إلى المرحلة التي يستطيعون أن يستوعبوا فيها، فالصغيرة بعمر 10 سنوات تعيش في مرحلة المكانة العائلية، وهي مرحلة متميزة، مرحلة 10 سنوات، والتي يفهم فيها الإنسان آثار الأعمال، فقبل 10 سنوات قد يقول الطفل: أنا ظُلمت في المدرسة، ولكن 10 سنوات يقول: أنا تأخرت في هذه المادة؛ لأني لم أذاكر، وهذا يعطي فرصة كبيرة جدًا لحسن التربية وحسن التوجيه؛ وذلك بتبرير المواقف وبيان عواقب الأمور ومآلاتها، وستجد عندها من الذكاء والخير ما يعينك على حسن تربيتها.

أما الابن الذي وصل 13 عامًا، فهو على أبواب مرحلة جديدة، بل هي ميلاد جديد، فنسأل الله أن يعينك على حسن توجيهه، وهي مرحلة السعي، ونسأل الله أن يُريهم فيك القدوة الصالحة بعد أن رأوها منك في رعاية والدتهم، وكل ذلك بلا شك سينعكس عليهم.

أما ابنتنا التي وصلت 16 عامًا، فهي -ما شاء الله- تصلح أن تكون أمًا لأختها وأخيها، وموجهة لهم، وهي أم لإخوتها كذلك، وهكذا كانت الزهراء في خدمة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى دخلت بعد ذلك إلى حياته سودة -رضي الله عنها وأرضاها-.

نشكر لك هذا الوفاء، لكن مسألة الزواج نحن سنترك لك الأمر فيها، ولكن نعتقد أن وجود امرأة عاقلة حتى لو كانت من قريبات الزوجة المتوفية؛ فإن هذا سيُضفي على البيت مزيدًا من السعادة، ويعوض الأبناء والبنات عما فقدوا، فإذا كان هناك مجال ووُجدت المرأة التي تستوعب هؤلاء الصغار، وتعوضهم عن بعض ما فقدوا فحسن، فوجود الأم والمرأة في البيت مهم، فاختر لنفسك امرأة عاقلة، ناضجة، ديّنة.

ويفضل طبعًا أن تكون من قريبات الزوجة الأولى، نحن نترك لك الخيار، لكن نريدك أن تنظر في هذا الأمر ولو بعد مدة، فوجود أم كبيرة وامرأة عاقلة تتقدم هؤلاء الأبناء والبنات سيكون له أعظم الأثر في حسن التربية، وستكون عونًا لك على النجاح في هذه المهمة.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمعنا بأزواجنا وآبائنا وأمهاتنا في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً