الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثرة الديون وتعسر الأحوال هل تدل على غضب الله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتاجر بأموال الناس، وعندي محلان في موقع جيد، ولكن من بداية كورونا بدأت تتراكم علي الديون، وخسرت مرتين بعد جائحة كورونا.

والآن أنا في هم وحزن وكرب شديد لا يعلمه إلا الله، لم أذق طعم النوم منذ ستة شهور، وتغيرت حالتي إلى الأسوأ، وأعرف أن ذلك بسبب ذنوبي القديمة، أدعو الله، وفي بعض الأحيان يأتيني فتور وكسل في العبادات والدعاء، وأشعر أن الله غاضب مني، وخسرت الكثير من الناس في حياتي، وكانت سمعتي جيدة في السوق، وكنت معروفًا بالثقة بين التجار، وأنا الآن في ورطة كبيرة؛ لأن ديوني بلغت مليون دولار، لأنني كنت أشتري بضائع كثيرة.

علمًا أن لدينا أنا وزوجتي وابني تأشيرات إلى عدة دول لمدة عشر سنوات، ولا أريد الهروب، وأريد قضاء ديني فقط، وأحمد الله تعالى على هذا البلاء، أعيش هما كبيرًا جدًا، وأغلقت الأبواب في وجهي، وأصبحت مهددًا بالسجن.

سامحوني أطلت عليكم، وجزاكم الله خيرًا، أفيدوني!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ قاسم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك اهتمامك والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرفع عنك هذه المصيبة، وأن يعينك على أداء ما عليك، وأن يرزقك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

بداية: تعوذ بالله من غلبة الدين وقهر الرجال، كما هو الدعاء الذي علَّمنا إياه رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، واجتهد في بذل الأسباب؛ لأن الدين همٌّ بالنهار وغَمٌّ بالليل، ووضِّح للذين تعاملت معهم بأنك ستوفيهم حقوقهم، وستجتهد في أداء ما عليك لهم، نسأل الله تبارك وتعالى أن يتفهموا هذا الوضع الذي تمر به، ونتمنى في المستقبل أن تكون لتجارتك وحركتك دراسة جدوى، وأن تخطط لأمورك، فإن الإنسان مُطالَب بأن يبذل الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب -سبحانه وتعالى-.

بالنسبة للتجارة: ننصحك بعدم التوسع كثيرًا، فالتجارة معرضة للربح والخسارة؛ وحبذا لو استفدت من هذا الدرس، وعليك أن تصلح ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، فإن ذلك هو مفتاح الخير.

نوصيك بكثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهي سبب لمغفرة الذنوب، وذهاب الهموم. كما نوصيك بكثرة الاستغفار، فقد قال الله تعالى في حق المستغفرين: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا}، ما هي النتائج؟ {يرسل السماء عليكم مدرارًا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا}.

نوصيك بالاستقامة على شرع الله تبارك وتعالى، ففيها باب واسع للرزق؛ وأكثر من قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، واجتهد في القيام بما عليك؛ الإنسان ينبغي أن يتحرك ويسعى ولا يبقى مكتوف اليدين يندب حظه، بل لا بد من التحرك، اطلب أيضًا مساعدة الأخيار والفضلاء، ونسأل الله أن يضع في طريقك من يعينك ويناصرك ويفهم وضعك.

وقد أسعدنا وأعجبنا هذا الصدق الذي تتحلى به؛ ندعوك إلى الاستمرار في الطاعة والإنابة والدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى. واعلم أن ما حدث ليس دليلًا على غضب الله، ولكن المرفوض هو التقصير في طاعة الله، والتقصير في الدعاء، فالله يجيب المضطر إذا دعاه، فتوجه إليه بإلحاح وصدق، واحرص دائمًا على طلب الدعاء من والديك -إن كانا على قيد الحياة-.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك برَّهما في الحياة وبعد الممات، وأن يلهمنا وإياك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً