الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق واكتئاب ووساوس قهرية

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
الإخوة الأفاضل! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البداية نسأل الله لكم التوفيق، ولجميع العاملين في مركز الراشد.
أنا محمد عبدالله، من مواليد 1974 ومقيم في بلجيكا منذ عدة سنوات، متزوج وليس لدي أطفال، كنت وأنا صغير منحرفاً لأن البيئة التي أعيش فيها يوجد فيها أسباب الانحراف، والحمد لله في سنة 1994 قد وفقني الله للتوبة، نسأل الله أن يتقبل من الجميع.

أما عن سبب كتابة الرسالة وهو أنني اُعاني من مرض أرقني كثيراً، وهو (القلق) أو نسميه (الحُزن)، علماَ بأنني أصلي وأبتعد عن الحرام بقدر المستطاع، ولكن الشيء الوحيد الذي وجدت صعوبة في تركه هو غض البصر عن الحرام، لا أقصد الصور العارية بل أثناء المشي في الطريق، وذلك لأنني أعيش في بلجيكا، هذا ما جعل التبرج كثيراً، وأغلب ظني أن هذا الضيق جاء نتيجة هذا النظر المحرم، علماً بأن هذا الضيق قد سبب ليّ الآتي:

- حالة عصبية تلازمني في كل وقت، فلأبسط الأسباب أغضب، وبالأخص مع زوجتي، وقديماً كنت عندما أغضب لابد من أن أضرب أي شيء برجلي، أو بيدي.
- النسيان المفرط حتى أنني أنسى أسماء أصدقائي.
- عدم تحمل أخطاء الآخرين.
- البعد عن الاختلاط بالناس.
- ليس عندي الثقة في نفسي.
وكذلك عندي الوسواس ويتمثل في عدة أمور منها:

-الشعور بالنقص أمام الآخرين.
- عندما أقوم بعمل أي شيء أشعر بأنني سوف أرتكب أخطاءً وبالأخص في كلامي مع الناس، أو في أي عمل، مثل ذلك عندما أصلي بشخص آخر أيّ أكون إماماَ، يأتيني الوسواس بأني قريب سأقع في الخطأ.
- الخوف من الأمراض والمصائب.
-الخوف الشديد من الموت وبالأخص سوء الخاتمة والعياذ بالله.
-أشعر بأنني لست من المسلمين وأن يوم القيامة سوف أكون من أهل النار.
-أحياناً أتخيل بأن أحداً يلاحقني ليقتلني أو ليضربني.
-دائماً أتحدث مع نفسي بأنني إنسان فاشل في حياتي.
- إذا قمت بعمل من أعمال الدعوة إلى الله يأتيني الوسواس بأنني أعمله رياء.
- الوسواس في العد، مثلاً: أعرف أن المبلغ 100 ولكن أعيد العد مرة أخرى، أو عندما أقفل الباب أرجع للتأكيد هل هو مقفل أم لا!!!
علماً بأنني أحاول طرد هذه الوساوس ولكن دون جدوى، أما بالنسبة للحياة الزوجية فإنني لا أشعر بالسعادة إلا قليلاً!
وللتوضيح أكثر فإنني أشعر بالسعادة في الحالات الآتية:
- عندما أقوم بإنجاز عمل من الأعمال، مثل: (رد دين أو الانتهاء من موعد).
- عندما أجد من يرفع من معنوياتي مثلاً يقول لي: (أنت إنسان ناجح ).
- الفترة التي تزوجت فيها أي منذ التعرف على زوجتي إلى بعد زواجنا بشهر.
- عند مزاولة الرياضة.
سامحوني يا فضيلة الدكتور فالأسئلة كثيرة.
نأمل من الله أن تجدوا حلاً عاجلاً لمشكلاتي.وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الأعراض التي ذكرتها بالتفصيل حقيقةً تدور حول أمرٍ واحد أو أمرين فيما يخص التشخيص لحالتك، فأنت بالفعل تُعاني من درجةٍ بسيطة من القلق والاكتئاب، وأرجو أن تسامحني إذا قلت لك بسيطة؛ لأن هذا هو الذي أراه، كما أنك تعاني أيضاً من بعض الوساوس القهرية، ونعلم تماماً أن هنالك رابطاً قوياً بين القلق والاكتئاب والوساوس، فأرجو أن لا تستغرب ذلك أبداً.

من أهم الوسائل التي يحارب بها الإنسان القلق، هو أن يزيل أسبابه بقدر ما يستطيع، ويمكن أيضاً التغلب على الاكتئاب بالتفكير الإيجابي، وتذكر أنك إن شاء الله شخص ناجح، وتقوم بأداء ما هو نافع لك والآخرين، أي ترفع من قيمتك الذاتية لأن هذا إن شاء الله فيه خير كثير لك.

أما بالنسبة للوساوس، فدائماً تُعالج عن طريق تحقيرها، وأن لا يلتفت الإنسان إليها، وأن لا يعطيها قيمة مطلقاً، وأن لا يتبعها، والشيء الآخر هو أن تقوم بفعل أو فكرة مضادة فيما تجده أو تعيشه من وساوس، هذه هي المبادئ الأساسية للعلاج السلوكي للعلة التي تعاني منها.

فيما يخص عدم غض البصر، لا شك يا أخي أنك تعلم أن هذا الأمر إثمٌ عظيم، وأنا أقدر جداً أن التبرج في الغرب أصبح منهجاً للحياة، لكن على المؤمن المسلم بقدر المستطاع أن يتجنب ذلك، اقنع نفسك أن هذا لا يناسبك كمسلم، واقنع نفسك أنك حين تغض من بصرك إن شاء الله أنت مضاعف الأجر؛ لأنك تعيش في وسط الفتنة وفي مجتمع متبرج، وعليك ببذل الجهد مع نفسك، وعليك أن تدعو الله دائماً أن يحفظك ويعصمك من هذا الأمر.

أنا على ثقة كاملة بأن الثقة في النفس، والتصميم، والعزيمة، والدعاء، ورجاء ما عند الله من الثواب، كل ذلك سوف يُبعدك عن هذا الأمر بإذن الله تعالى.

أنت أيضاً يا أخي في حاجة لبعض العلاجات الدوائية التي تُساعدك في القلق والاكتئاب والوساوس، وأفضل علاج دوائي لحالتك هو العقار الذي يُعرف باسم بروزاك، أرجو أن تتناوله بمعدل كبسولة واحدة في اليوم بعد الأكل لمدة شهر، ثم ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة لمدة شهرين، وهذا إن شاء الله سوف يفيدك كثيراً.

لا شك أنك تعيش في بلادٍ ربما يقل فيها عدد المسلمين، ولكن لا أظن أنها تخلو من الصحبة والرفقة من الإخوة المسلمين الموجودين معكم في بلجيكا، فعليك بمرافقتهم وصحبتهم؛ حيث أن التعاضد والمساندة تُساعد الإنسان كثيراً في زوال القلق والاكتئاب.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً