الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي وسائل النجاة من هذه الدنيا؟

السؤال

السلام عليكم.

ما هي الأشياء التي يجب علي معرفتها لكي أنجو من هذه الدنيا؟ أنا أصلي جميع الصلوات، ولي ورد يومي من القرآن، ولكني لست من حفظة القرآن، ولا أعرف كيف أبدأ، وما يجب علي تعلمه حتى أستطيع أن أعيش حياة صحيحة، فهل لكم أن ترشدوني للطريق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي إسلام- في موقعك (إسلام ويب)، وإنا نسأل الله أن يبارك في عمرك وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يرشدك الطريق المستقيم حتى تنعم بحياة راشدة.

أخي: ما أجمل السؤال وما أروع التفكير، وإنا لنرجو الله كما ألهمك حسن السؤال أن يلهمك حسن العمل وأن يثبتك عليه.

اعلم -بارك الله فيك- أن ركنا الاستقامة محصور في أمرين:
1- القيام بالواجبات الشرعية.
2- الكف عن المحرمات.

جاء في صحيح مسلم, وغيره عن جابر بن عبد الله، أن رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات، وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئا، أأدخل الجنة؟ قال: «نعم»، قال: والله لا أزيد على ذلك شيئا. اهـ

فالأصل أن من قام بما عليه من شرائع، وتجنب ما عليه من المحرمات فإن هذا طريق الجنة التي أخبرك النبي -صلى الله عليه وسلم- به. قال ابن رجب رحمه الله: هذا الحديث يدل على أن من قام بالواجبات، وانتهى عن المحرمات دخل الجنة، وقد تواترت الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا المعنى، أو ما هو قريب منه.
كما خرجه النسائي، وابن حبان، والحاكم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء، ثم تلا: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما} [النساء: 31]

وجاء في الصحيح عن أبي هريرة «أن أعرابيا قال: يا رسول الله، دُلَّني على عمل إذا عملتُه دخلتُ الجنة قال: تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتُقيم الصلاة المكتوبة، وتُؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، قال: والذي بعثك بالحق، لا أزيد على هذا شيئا أبدا, ولا أنقص منه، فلما ولى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا» .

وفي الصحيح عن طلحة بن عبيد الله «أن أعرابيا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثائر الرأس فقال: يا رسول الله؛ أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصلاة؟ فقال: الصلوات الخمس، إلا أن تطوع شيئا، فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الصيام؟ فقال: شهر رمضان, إلا أن تطوع شيئا، فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام، فقال: والذي أكرمك بالحق، لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:أفلح إن صدق - أو دخل الجنة إن صدق».

وهذا يبين لك -يا إسلام- ما يجب عليك اعتقاده والعمل به، فالعمل بالطاعات واجتناب المحرمات هما الباب الرئيس، لا ينفع أحدهما بدون الآخر، فقد أخرج الإمام أحمد من حديث عمرو بن مرة الجهني، قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ شهدتُّ أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليتُ الخمس، وأديتُ زكاة مالي، وصمتُ شهر رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصب أصبعيه - ما لم يعق والديه". فكان العقوق هنا حائلا ومانعا.

وقد تتساءل الآن عن السبع الموبقات فنقول لك قال صلى الله عليه وسلم : "اجتنبوا السبع الموبقات.قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات"، وهي ليست محصورة في السبع فقط، بل وردت كذلك بعض التصوص التي تذكر بعض الكبائر والذنوب؛ كعقوق الوالدين، والظلم، وشهادة الزور.

وعليه فهذه هي الأصول العامة للواجبات والمحرمات، ويبقى عليك فعل النوافل والتقرب إلى الله عز وجل بالابتعاد عن الشبهات، مع مصاحبة الصالحين من الأصحاب والعلماء، كل هذا وسيلة خير للوصول إلى مرادك سالما -إن شاء الله-.

نسأل الله أن يحفظك وأن يبلغك الخير، ونحن إخوانك راسلنا في أي وقت، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً