الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أثبت على شخصية واحدة وأعيش حياة طبيعية؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في العام الأخير من الثانوية، مسبقا كانت لدي مشاكل مع الاكتئاب وأذى النفس، ولكن الآن أشعر بأني أستطيع التحكم بتلك الأفكار السلبية، ولكن حدثت مشكلة أخرى فمن بعد ذلك أو حتى من وقتها لم أعد أشعر مثل الناس الطبيعية مثلا إذا مات أحدهم لا أشعر بالألم أو بالندم على التقصير، بل أحيانا أجبر نفسي على ذلك، ولكنه يكون ألما يدوم لثوان ويعود شعور الفراغ.

وهناك مشكلة أخرى هي أنني دائما ما أشعر أنني مختلفة أو ما قد أفعله هو خاطئ في أي موقف، أو أن تصرفاتي تدل على أنني مجنونة، كأنني لم أتعلم شيئا، فذلك يأخذ من ثقتي الكثير ويجعلني أبدو كالمهزوزة أمام الناس، كما أن ليس لدي شخصية محددة فكل يوم بمزاج، وأحب شيئا مختلف، وأمارس هواية مختلفة، وأدرس شيئا جديدا، وذلك يصعب علي اتخاذ القرارات؛ لأنني لا أعلم أبدا ما أريد.

ومشكلة أخرى بدأت تواجهني لم أشعر بها بوضوح أكثر إلا بسبب الدراسة، وهي أنني قد أكون أذاكر مثلا أو أكلم أحدا وفجأة عقلي ينفصل أو يغلق وأنسى ما كنت أفعله تماما، ولا أكمله إلا إذا ذكرني أحدهم أو بعد فترة بعد تتبع ما كنت أفعل.

آسفة على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ هدير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وفي هذه الأيام الطيبة نقول: تقبّل الله طاعاتكم وصيامكم، ووفقكم لما فيه الخير.

أنا تدارستُ رسالتك، وحقيقة في مثل عمرك هذا ثلاثين إلى أربعين بالمائة من الشباب يمرُّون بتقلُّبات مزاجية (قلق، توتر، عدم تأكد من الذات، شعور بالخواء، شعور بالفراغ، تجاذبات كثيرة فيما يتعلق بالهوية، بالانتماء، الخوف من المستقبل) هذه ظواهر معروفة في مرحلة التكوين النفسي والبيولوجي والجسدي والفسيولوجي، والذي أنت الآن تمرين به. هذه المراحل هي مراحل تطوريّة، نستطيع أن نقول أنها موجودة في أربعين بالمائة من الناس، لدرجة يمكن أن نعتبرها أمرًا عاديًّا، في معظم الناس هي تختفي إن شاء الله تعالى بالتدرُّج، وقلّة قليلة من الناس ينتهون بما نُسمِّيه بالاضطرابات الشخصية، خاصّة ما يُعرف بالشخصية الحدِّيَّة - أو الشخصية التجنُّبيَّة، أو الشخصية القلقة - وهذا إن شاء الله تعالى لن يحدث لك.

أنا أنصحك بشيء مهمٌّ جدًّا جدًّا، وهو أن تحكمي على نفسك بأفعالك، ليس بمشاعرك ولا بأفكارك. الإنسان يتكوّن من (شعور، وفكر، وأفعال)، في مثل حالتك من الواضح أن الأفكار متناقضة، فيها شيء من السلبية، وكذلك المشاعر مثل ذلك، إذًا تلجئي للأفعال، وأقصد بالأفعال هي الأشياء التي من المفترض أن تؤدِّيها مهما كانت مشاعرك، مهما كانت دافعيتك، الدراسة يعني الدراسة، التميز في الدراسة يعني التميُّز في الدراسة، العبادة يعني العبادة والرُّقي بها، الترفيه على النفس بما هو طيب وجميل هذا أيضًا يجب أن يأخذ حقه.

إذًا تضعي خارطة ذهنية تُديرين من خلالها وقتك بصورة جيدة، وهذا قطعًا سوف يجعل أفعالك أفعالا إيجابية، (تخصصين وقتًا للدراسة، ووقتًا للراحة، ووقتًا للرياضة، ووقتًا للمؤانسة مع الأسرة، وقتًا للتواصل الاجتماعي الإيجابي، وقتًا للصلاة وللعبادة)، وتكون لك آمال وتطلُّعات، تتصوري نفسك بعد خمس أو ست سنوات من الآن: أين أنت؟ (التخرُّج من الجامعة بتميُّز وبدرجات عالية، الزواج إن شاء الله، التفكير بعد ذلك في الماجستير، في الدرجات العُليا، العمل ... وخلافه).

فإذًا أنت هذا هو الذي تحتاجين له، أمَّا إذا ركّزت على هذه السلبيات في أفكارك ومشاعرك فهذا لا يفيدك ولا يُجْدي أبدًا. أجبري نفسك، شجّعي نفسك، ادفعي نفسك نحو الإنجاز ونحو الأفعال، ولابد أن تكتبي برنامجًا يوميًّا تتقيّدين به. هذا هو المخرج من مثل هذه التجاذبات الوجدانية والمزاجية والتردُّد وعدم التأكد من الذات، والخوف من المستقبل - كما ذكرنا - وإن شاء الله تعالى بانتهاجك هذا المنهج أمورك سوف تكون ممتازة جدًّا، وصحتك النفسية سوف ترتقي جدًّا.

وأنصحك بأشياء عملية مختصرة في:
- تجنبي السهر.
- نامي النوم الليل المبكّر، لأن النوم الليلي المبكّر يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ.
- استيقظي مبكّرًا.
- تُصلِ الفجر.
- بعد ذلك تجهزي، وادرسي ساعة أو ساعتين قبل أن تذهبي إلى الدراسة.

بهذه الطريقة تكوني قد أنجزتِ إنجازات عظيمة جدًّا، وهذا يُسهل عليك إدارة بقية اليوم، وسوف تحسين بالسلاسة وبالراحة وبالإنجاز وبالإيجابية.

هذا هو الذي أنصحك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً