السؤال
تحية وبعد:
محتار في مشكلتي التي مضى عليها سنتان حتى الآن، هل إن مرد المشكلة خلل عضوي في الدماغ أم أن السبب محض نفسي؟ فقد لاحظت أنه تقفز من رأسي أفكار لم تكن تحصل سابقاً، وأنه من مجرد قفز فكرة لمرة واحدة يكون ذلك كافيا لاستمراريتها! وأحاول تبديلها بفكرة إيجابية لكنها تظل وكأنها فكرة راسخة رغم رفضي لها وعدم قناعتي بها وقرفي منها، ولكنها تتشبث في رأسي! وهذا ما يحيرني! وتتحرك ملكة الخيال فوراً لأنني أذهب بتصوري بعيداً، وهو ما يجعل الربط والتذكر يلعبان دوراً لا سيما وأن ذاكرتي قوية بحيث أتذكر حتى الآن كل من عرفتهم منذ طفولتي وحتى اليوم! وكذلك بعض الدروس في القراءة والرياضيات والفيزياء، وحتى أسماء أساتذتي في كل صف منذ المرحلة الابتدائية فالإعدادية والثانوية وصولا إلى الجامعية، وكأن رأسي روبوت أو كومبيوتر!
وعلى سبيل المثال كلما شاهدت طاولة طويلة جداً وقليلة العرض تقفز من رأسي أن هذه الطاولة تشبه الطاولة التي كنت أشاهدها أيام مراهقتي في مدينتي الأصلية وكانت تستعمل لغسل الموتى، ومثال آخر: أنني كنت أغني ذات مرة مع المطرب السوري علي الديك مطلع أغنيته التي تقول: (تذكر ياها الإنسان)، وهنا قفز من فكري دافن الموتى أيام كنت مراهقاً وهو يقول لحظة دفن الميت: تذكر يا ابن آدم، ومن تلك اللحظة وأنا كلما أريد استماع أغنية يخرج من ذهني ذات الشخص ـ أي دافن الموتى ـ وكلما أشاهد طفلاً أتذكر عصابات التعديات الجنسية على الأطفال! وهكذا دواليك، ومن ثم تتكرر أمامي صور أشخاص أعزاء ماتوا!
وقرأت ذات مرة كيف أن مريض الشيزوفرينيا يشاهد أمامه أشخاصاً أو حيوانات لا نشاهدها نحن العقلاء، وصار الخوف عندي من الإصابة بهذا المرض أن أدقق في ساعات الليل بكل ما أراه من بعيد، فهل ما أشاهده هو إنسان يعبر؟ أي أتأكد من كل شيء، ولا أخفي أنني منذ طفولتي ترعرعت في الخوف من كل شيء وزرع الأهل في نفسي فكرة أنني جبان لا أستطيع التغلب على أحد إذا حصلت مشاجرة، وصرت أخاف من الموت والأموات والجنون والمجانين والإجرام والمجرمين، ومع ذلك حاولت قدر الإمكان أن أحافظ على توازن نفسي مفروض من أجل العمل والسعادة.
وكنت مشهوراً منذ طفولتي بشدة الذكاء والنجاح الدراسي، وهو ما كان يساعدني في النجاح بالعمل وتحقيق التوازن النفسي، وبما أنني شديد الحساسية لم أعرض نفسي على طبيب نفسي لسببين: الأول ـ أنه يمكن اعتبار ما يحصل معي مرده مشكلة عضوية في الدماغ، والسبب الثاني الخوف من أي طبيب نفسي! ولقد تشجعت قبل ستة أشهر وعرضت نفسي على طبيب أخصائي في الجهاز العصبي الذي فحصني وأخبرني بأنه لا يوجد عندي مشكلة في الجهاز العصبي.
وسؤالي في هذه النقطة المحددة: هل يمكن لهذا الطبيب الاختصاصي أن يؤكد السلامة العضوية للدماغ بفحص سريري ودون إجراء سكانر أو ما شابهه للدماغ؟ وإذا اعتبرت أن مشكلتي تصنف في خانة الوسواس القسري، فهل يمكن أن تسوء حالتي وتتحول إلى انفصام في الشخصية وهو المرض الذي أخافه كثيراً؟ وأنا أسافر كثيراً إلى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، فهل تنصحني بأن أعرض نفسي على طبيب هناك؟ وإذا كان الأمر كذلك ففي أي اختصاص؟ وهل الأفضل في برلين أم روما أم باريس التي أمضي فيها وقتاً أكبر مما أمضيه في العاصمتين الألمانية والإيطالية؟ وإذا كنت أحتاج إلى اختصاصي نفسي فأيهما أنفع الطبيب النفسي أم المحلل النفسي؟ وهل يمكنني وأنا في هذه الحالة الإقدام على الزواج؟ وهل الزواج يسيء حالتي أم ينقذها؟