الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ينفع العلاج السلوكي دون الأدوية في مواجهة المخاوف والوساوس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المتميز، وجعله الله في ميزان حسناتكم.

أولا وقبل أن أطرح مشكلتي أوضح لكم بأن أخي يعاني من الوسواس القهري، وأمي تناولت البروزاك في فترة من فترات حياتها.

مشكلتي بدأت في شهر فبراير شباط من هذا العام، حيث بدأت باسترجاع صور خطوبتي السابقة، والتي لم تتكلل بالنجاح، وقد تعرضت حينها لظلم كبير، ولكن الله عوضني بالزوج الصالح الذي يحبني وأحبه جدا، بعد استرجاع الصور بدأت بالتخيل بأن أحدهم سوف يؤذيني، لم أعِ وقتها ماذا حدث معي، ولكنني كلما حاولت الاسترسال وإقناع نفسي بأنها مجرد أوهام، أجد بأن الأمور تشتد وتتعقد إلى الأسوأ، فقررت الاستعانة بالإنترنت لمعرفة وتشخيص حالتي، وعلمت بأنها حالة نفسية، وبعد قراءة الموضوع أقنعت نفسي بأنني أعاني من علة نفسية، وأنني مصابة بالفصام، وزوجي سوف يتركني لمرضي، وفي تلك الفترة عانيت من أعراض القلق والاضطراب النفسي: الصداع، وألم في كل أنحاء جسمي، وانقطاع الشهية، والأرق.

بعد التعمق والبحث من جديد علمت بأن الأعراض التي أعانيها تندرج تحت مسمى قلق المخاوف الوسواسي، وتعلمت العلاج السلوكي وقمت بتطبيقه على نفسي، كانت مرحلة صعبة ولكني -بحمد الله- تخلصت منها، وبت اليوم أسترجع الأفكار ولا أتأثر، ولكنني عانيت كثيرا في تلك الفترة.

بعد تلك الفترة بدأ لدي وسواس التبول، وأصبح تفكيري منحصرا بأنني بسبب التوتر الذي عشته سابقا سأقوم بالتبول اللاإرادي، علمت منذ البداية بأنه وسواس، وتعاملت معه بالطرق العلاجية المناسبة، وتخلصت منه، وبعد ذلك أصبحت حياتي مطمئنة وخالية من الوساوس، وازدادت ثقتي بنفسي، بفضل الله ومساندة زوجي، فكنت أروي له معاناتي وكان يساعدني كثيرا.

مشكلتي اليوم والتي أرجح بأنها جزء من المشكلة القديمة، فقد حكى لي زوجي عن صديقته في العمل، والتي تعاني من مشكلة مع زوجها وترغب بتركه والانفصال عنه، وكانت تشتكي لزوجي فدخل الشك في نفسي، شعرت بأنها تريد التقرب من زوجي وأصبحت أراقب هاتفه، ومواعيد خروجه وعودته، وتطورت مخاوفي وشكوكي بأن هناك علاقة جسدية بينهما، وأن زوجي يقابلها سرا، علما أنني متيقنة من براءة زوجي، وعاودتني أعراض القلق من جديد.

تصارحنا وأكد لي زوجي بأنها مجرد أوهام، وأنها امرأة متزوجة، وهو يحبني وقد اختارني، ولا أفترق عن زوجي إلا في أوقات العمل، وقد عمل زوجي جاهدا حتى يزيل من نفسي كل المخاوف والشكوك، أصبح يساندني في كل شيء ويدفعني لتفادي تلك الوساوس، أعلم بأنها أوهام، وأثق في زوجي، ولكن الأفكار ما زالت تتسلط علي، وقررت تناول الدواء ولكن زوجي لم يوافق، وقال أن بإمكاني مواجهة تلك الوساوس كغيرها بالعلاج السلوكي، ولو تناولت الأدوية سوف تنتكس حالتي، فاستخرت الله في أمر تناول الأدوية، ولم أشعر بالارتياح.

سؤالي لكم: ما هو تشخيص حالتي؟ وهل هي مرض نفسي؟ وهل تزول الأعراض مع تقدم العمر أم تزداد؟ فأحيانا أستطيع مقاومتها، وأحيانا أخرى تتسلط علي وتحرمني الأكل والنوم وملذات الحياة، هل سأبقى على هذا الحال وأتنقل من وسواس لآخر؟ وهل الدواء ضروري في حالتي؟ وما هي احتمالية شفائي مع العلاج السلوكي؟

أعتذر عن الإطالة، وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاتن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تعانين منه هو اضطراب الوسواس القهري، وهو مرض من الأمراض النفسية المعروفة ولا شك في ذلك، ووصفك الدقيق لما تحسِّين به يتماشى مع تشخيص الوسواس القهري الاضطراري، وقطعًا الوسواس القهري الاضطراري له علاج، يُعالج بالدواء ويُعالج بالسلوك (العلاج السلوكي المعرفي).

وأنتِ تحسَّنت -كما ذكرتِ- بالعلاج السلوكي المعرفي، ولكن لم تختفي أعراض الوسواس، ومعروف أن الوسواس أحيانًا يتغيَّر، الأعراض واحدة لكن مادة الوسواس القهري يتغير من شيءٍ إلى آخر، وهذا ما حصل معك.

الشيء المعروف أن الوسواس القهري الاضطراري عادة يبدأ في مُقتبل العمر قبل سِنِّ العشرين أو بعدها بقليل، وكلما تقدَّم العمر تقِلّ حِدَّته حتى يختفي تمامًا في معظم الأحيان.

الشيء الآخر: العلاج السلوكي المعرفي يحتاج إلى شخص متدرِّب ومتمرِّس فيه حتى يتمّ ضبط إيقاعه وعمله بصورة متدرِّجة ومُحكمة، ولا أدري هل كنت تُتابعين مع معالج نفسي أم لا؟

معروف أن الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي أفضل من العلاج بالدواء لوحده أو العلاج بالعلاج السلوكي المعرفي لوحده.

طالما عندك شخص في العائلة يعاني من اضطراب شبيهٍ لما تُعانين منه، وتَناولَ دواءً مُعيّنًا واستفاد من هذا الدواء فلا بأس أن تأخذي نفس الدواء، إذا كانت والدتك تحسَّنت على البروزاك فيمكنك تناولي البروزاك نفسه، وهو يُعالج أيضًا الوسواس القهري الاجتماعي، لأن الدراسات أثبتت أن أفراد العائلة يستجيبون لنفس النوع من العلاج أو الدواء.

إذًا لا بأس بأخذ دواء مع العلاج السلوكي المعرفي، وأخذ نفس الدواء الذي كانت تأخذه والدتك إذا كانت تحسَّنت عليه.

وفقك الله وسدد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية بدر

    بنادول الليل نايت افضل للراحه النفسبه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً