السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 20 عاماً، عندي عدة حالات نفسية شخصتها بنفسي من كثرة القراءة في الإنترنت عما شابه حالتي، فاكتشفت أن بي فصام الشخصية، والرهاب الاجتماعي، ونقصا في الثقة، وتوحدا، وإذا ذهبت لدكتور نفسي ماذا سوف يكتشف بي من أمراض نفسية؟ الله المستعان.
والله لا أعلم كيف أتتني هذه الأمراض النفسية؟ ففي السابق في مرحلة الابتدائية والإعدادية لم أكن أُعاني من تلك الأمراض، فقد كنت أشارك -وبكل ثقة- في إذاعة الصباح، أما الآن إذا قلت لي: قف أمام ثلاثة أشخاص غرباء وتحدث إليهم؛ تراني أتلعثم ولا أستطيع الكلام.
كان لدي أصدقاء بالمدرسة كثيرون، أما الآن لا أملك غير أربعة أشخاص، ونادراً ما أراهم بسبب أشغالهم أو أنهم يتهربون مني.
أنا وحيد دائمًا، ليس عندي أصدقاء فأنا ممل جدًا، وغير مرح، أراقب نفسي كثيرًا، عندما أتكلم أتلعثم في الكلام، ودائمًا أفكر بالكلام الذي أتكلمه، عندي ألم وعذاب داخل نفسي، وكرهني الجميع: العائلة، والأصدقاء، والأقارب. حتى بالمناسبات الاجتماعية دائماً أُحاول التهرب، ولكن الوالد أو إخواني يلزمني بالحضور.
صرت قاطعاً للرحم، أعمامي وأقاربي بشكلٍ عام لا أراهم إلا بالأعياد، والعيد عندي ليس يوم فرح وانبساط، بل أصبح أسوأ أيام حياتي، الكل يعلم بحالتي، الأهل، والأصدقاء، والأقارب، ومع ذلك أنا لم أعترف بحالتي غير الآن، ولا أعترف أمام العائلة، والأصدقاء، والأقارب.
أنا لا أعلم لماذا تحصل لي مواقف محرجة دائمًا بالمناسبات الاجتماعية! أتلعثم بالكلام، أو أخطئ بطريقة السلام، أو أصب القهوة بشكل خاطئ، أو أو... الكثير من المواقف المحرجة تحصل وأتذكرها يومياً، وكل ما أتذكره أتألم وأتضايق، وأحياناً أخرى أقول لنفسي: يا رجل، الناس نسيت الموقف وأنت لا زلت.
أشعر دائماً في المناسبات أو الأماكن المزدحمة أن الأعين كلها تنظر إلي، وأحس بأني مراقب، أحياناً أظن أن أحدا يراقبني من كاميرا الجوال، فتراني أضع أصبعي على كاميرا الجوال، ودائمًا ما أقول لنفسي: هل يوجد كاميرا بغرفة نومي وضعها أحد من أفراد عائلتي لكي يراقبني؟.
الناس تسألني دائماً: لماذا أنت هادئ؟ لماذا لا تشاركنا بالحديث؟ فتراني أتلعثم ولا أستطيع الرد، دائماً تراني منفرداً منعزلاً عن الناس بعكس عندما أكون مع أحد أصدقائي المقربين جداً تراني أتحدث وأتكلم بطلاقة بدون تلعثم، لا أدري ما السبب! وتراني أتكلم وأناقش وأُبدي رأيي بعكس عندما أكون بمجلس أحد أقاربي لا أتكلم ولا أُبدي رأيي أبداً، بل من بداية المجلس لنهايته لا أتكلم إطلاقاً. أحس دائمًا بأني فاشل، وقليل عقل، وأنقص من قيمة نفسي.
لا أعلم لماذا أنا هكذا؟ أُريد التغيير، أُريد العلاج، ما أقول إلا كما قال يعقوب -عليه السلام-: (فصبرٌ جميل والله المستعان...).
أنا آسف على الإطالة، لكن -والله- تعبت، وكرهت حياتي، ومللت من الوحدة، دائماً أنا وحيد، ولا أجد من يخرج معي، دائماً ما أدعو ربي بسجودي: (اللهم هب لي من لدنك سلطاناً نصيرًا) لعل وعسى ربي أن يذهب عني هذه الوحدة، ويرزقني بالصحبة الصالحة.
كيف أتغير؟ أُريد أن أتغير، أريد أن أصبح شخصا واثقا من نفسي، شخصا اجتماعيا، لا أُريد أن أصبح شخصا اعتماديا أو اتكاليا، لا أُريد أن أخاف من الناس، ولا أريد أن أبقى شخصا انطوائيا، كفى انطوائية، ضاعت أيام المراهقة كلها بالحزن والتنفيس بالغرفة مقابل شاشة الكمبيوتر. أُريد أن أصبح إيجابيا، محبوبا واصلا للرحم، أرجوكم أرشدوني.
ختاماً أحب أقول لمن عنده أصدقاء: والله أنت محسود، فلا تضيع أصدقاءك أبداً بسبب أشياء تافهة، والله الوحدة مُرّة ومؤلمة -الله لا يذيقها أحدًا- وإذا تعرف صديقا لا يملك غيرك ساعده، والله ما تعرف شعوره عندما تذهب معاه.
وشكرًا لكم، ورزقنا الله وإياكم الفردوس الأعلى من الجنة.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.