السؤال
السلام عليكم
أخي الدكتور: ابني عمره 8 أعوام, يعاني من خوف شديد من الأصوات العالية عامة, وخاصة أصوات مكبرات الصوت في الحفلات, فإنه يضع أصابعه في أذنيه, ويشعر بألم في بطنه, ويصر أن يترك المكان, وهو يبكي, وأحيانا يتقيأ من شدة الخوف.
السلام عليكم
أخي الدكتور: ابني عمره 8 أعوام, يعاني من خوف شديد من الأصوات العالية عامة, وخاصة أصوات مكبرات الصوت في الحفلات, فإنه يضع أصابعه في أذنيه, ويشعر بألم في بطنه, ويصر أن يترك المكان, وهو يبكي, وأحيانا يتقيأ من شدة الخوف.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وردة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن هذا نوع من أنواع ما يسمى بالمخاوف البسيطة المبسطة، والخوف لدى الأطفال –حتى الطفولة المتأخرة– قد يكون أمرًا عاديًا، وهو –أي هذا الخوف– غالبًا ما يكون مكتسبا من البيئة، مثلاً (الخوف من الظلام، الخوف من الحيوانات، الخوف من الأصوات العالية) هذا أمر طبيعي في الحياة التطورية لبعض الأطفال.
هذا الابن –حفظه الله– غالبًا يكون قد مرَّ بتجربة سلبية، أُصيب بهرع أو فزع نسبة لمكبر صوتٍ مرتفع، واكتسب هذا النوع من الخوف وظلَّ دفينًا في وجدانه، وأصبح يُعبر عنه من خلال الخوف كمكون نفسي، ويعبر عنه أيضًا بالمكون الجسدي وهو الشعور بالألم في البطن، والإصرار على ترك المكان هو نوع من التجنب، لأن من طبيعة الأشياء أن الذي يخاف من شيء يتجنبه ويبتعد منه.
علاج هذا الابن يتم من خلال:
أولا: تنمية مهاراته بصفة عامة، يجب ألا نركز فقط على العلة أو على مصدر الخوف، إنما نسعى دائمًا لبناء الشخصية، وتطوير المهارات بصفة عامة، وهذا يأتي من خلال الثناء على الطفل وتحفيزه وتشجيعه، وأن نجعله يعتمد على نفسه أكثر, خاصة فيما يخص ترتيب وتدبير ملابسه (مثلاً) وكتبه وواجباته المدرسية، وأن نعطيه دائمًا الاهتمام, وأن نشعره بالأمن, هذا –أيتها الفاضلة الكريمة– أمر تربوي مهم جدًّا، ينمّي مقدرة الطفل، ويعطيه أيضًا الفرصة لأن يثق في نفسه أكثر.
وأرجو أن تتاح له أيضًا الفرصة بأن يلعب ويتفاعل مع أقرانه من الأطفال الذين هم في سنه, هذا من ناحية.
أما فيما يخص الخوف هذا –أي الخوف من مكبرات الصوت– فهذا يتم علاجه من خلال ما يسمى بالتحصين التدريجي، والتحصين التدريجي يتطلب أن تشرحي له كيفية عمل مكبرات الصوت هذه، وأن تجعليه يتعرض لها، وذلك من خلال أن يقرأ عنها (مثلا) معلومات بسيطة، دعيه يقوم برسم مكبر الصوت، اشرحي له مكبر الصوت الموجود في التلفزيون وكذلك الموجود في المسجل، هذا تعريض، والتعريض يُكسب المعرفة، والمعرفة تُبعد الخوف، هذا هو المنطق السلوكي الذي أنصحك بتطبيقه مع هذا الابن.
الخطوة الأخرى في العلاج هي: المزيد من التعريض، وأنا حقيقة أنصح بأن يتعلم أبناؤنا الأذان –الأذان للصلاة– وكثير من الأطفال نشاهدهم بفضل الله تعالى في السودان يؤذنون في المساجد، هذا الطفل إذا أُتيحت له مثل هذه الفرصة هذا أيضًا فيه نوع من التعريض الإيجابي جدًّا الذي يُبعد عنه الخوف.
بالنسبة للإذاعة المدرسية، أتمنى أن يكون في مدرسته فيها إذاعة مدرسية، يمكن أن تتواصلي أيضًا –أو دعي والده يتواصل– مع المعلمين ليُتيحوا له فرصة المشاركة في هذه الإذاعة المدرسة، وأن يُمسك الميكروفون بيده ويحاول أن يشارك، هذا أيضًا تعريض إيجابي جدًّا.
إذن الأمر يعالج من هذه الزاوية، وهذا من وجهة نظري يكفي تمامًا لعلاج هذا الابن، وألخص ما ذكرته مرة أخرى: تطوير المهارات العامة، تعريض الطفل تعريضًا تدريجيًا من خلال ما يسمى بالتحصين التدريجي لمصدر خوفه، وهذا يعتبر علاجًا ناجعًا جدًّا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله له العافية والتوفيق والسداد.