السؤال
أنا امرأة متزوجة وعمري 52 عامًا، ومنَّ الله علي بأبناء وبنات أعانني الله على تربيتهم التربية الدينية، فأصبح يشهد لهم بالدين والخلق ممن حولهم، أما زوجي فكان في واد آخر: يفعل المعاصي، ويرافق السيئين، وباختصار تحملت الكثير معه من أجل أولادي وبيتي، لكني كنت حادة الطباع معه، أواجهه بما يقترفه من معاصٍ، وأمسك عليه الشرائط الفاضحة، وكان يدعوني في بعض الأحيان إلى مشاهدتها، وكان أكثر ما يغضبه مني أني أرى آثار معصيته، أو أبحث عنها، فأجده اختنق مني، ومن تذكيري الدائم له بالله، والثواب والعقاب منّ الله علي بأولادي فبدءوا في نصحه هم أيضًا.
أكثر ما كان يمزقني إتيان أحد أبنائي يشكو لي أنه شاهد أباه وهو يفعل كذا وكذا، وقد كنت أخبره، وتحدث المواجهة التي إما أن تنتهي بإصراره على المعصية، أو وعده لي بألا يفعل، لم يراعِ أن بناته شابات في سن الزواج، كنت أخشى عليهم من الفضيحة فكان الله كريمًا معي حتى زوجت بناتي من رجال ملتزمين حافظين لكتاب الله.
بعد فترة وجدت أن ما يفعله معي ينعكس على ابنتي في جني ما يفعله بأمهم، سواء بالمعاملة السيئة أو ارتكاب بعض المعاصي، فقد ابتلي أحد أزواج بناتي ـوهو حافظ لكتاب الله وقضى في السجن 12 عامًا للدفاع عن دينه -ابتلي بمشاهدة الأفلام الفاضحة مما سبب لي نكسة نفسية مرتين لوقوعه في هذا المحذور-، وكانت العلاقة بيني وبينه علاقة أم بابنها الملتزم من الطرفين، والأحرى أن ذلك من جراء فعل زوجي، وكالشخصيات الساخرة في القصص عندما يفعل شيئًا معها فتخبره ابنته أن زوجها يفعل كذلك معها فيثور بشدة، ويسب في زوجها ويتوعده.
نسيت أن أذكر لكم أني حاولت تغيير حدتي معه منذ زمن طويل، وأصبحت تتحسن حالته الإيمانية، لكن هناك معاصٍ لا يستغني عن فعلها، وأنا أعطيه حقوقه التي يريدها خوفًا من ربي، ويشهد لي بذلك، وبعفافي سواء في وجوده، أو ف غيابه، وأنا صابرة لا ألجأ إلا لله، إلى أن منّ الله علي بالحج هذا العام بعد أربعة عشر عامًا من الدعاء به، وكانت إمكانياتنا المادية لا تسمح، فجاءت التأشيرة عن طريق عمله، واستدنت أكثر من ثلاثة أرباع المبلغ، وهو لم يشارك فيه بشيء، فتركته وأولاده وديعة، وأصر أن أذهب مع فوج عمله، وكان يعمل بإحدى المجلات.
أعرف أن أخلاقهم غير طيبة، وقد قدر لي السفر معهم، وأعترف بأنه يحبني بشدة، كما أنه شديد العاطفة، وحدث ما كنت أتوقع، ولكن ليس بهذا السوء، فقد تعرض لي أحد زملائه في الباص ـوهو بملابس الإحرام- بما يشبه التحرش الجنسي، وكنت لا أعلم كيف أتصرف، وأخشى من الحديث مع هذا الرجل بصوت منخفض ليبتعد عني حيث كانت زوجته بجانبه، ولا تشعر بشيء، فيفضح الأمر، وأسيء لنفسي وزوجي في عمله، ولن أنال شيئًا.
من كثرة غضبي وعلمي أن ما يحدث لي نتيجة لمعاصيه، اتصلت به هاتفيًا ولمته بشدة على أن جعلني في مثل هذا الموقف، وهو شديدة الغيرة علي، إلى أن رجعت من سفري، فحدثت مشكلة كبيرة لابنتي مع زوجها وأهله كادت أن تعصف ببيتها، وعلم بهذه الخلافات زوجي، وكنت أبعده عن مشاكلهم لتسير الأمور بخير، فهو عصبي المزاج، وأول الحلول عنده الطلاق على الأقل في حالة غضبه، ثم مع هذه المشاكل الصعبة وجدت فيه تغيرًا من ناحية الهاتف، وحديثه، وصرفه على كروت الشحن، وكنت أخبر أولادي وكانوا يشعرون بما أشعر به ولا يعلمون ماذا يفعلون.
بدأت أتضرع إلى الله, ولا أعلم أأدعوه ليكشف لي صنيع زوجي, أم يبعده عن المعصية, إلى أن جئت مرة بعد قيام الليل وصلاة الفجر فاكتشفت أن زوجي على علاقة بامرأة يحادثها في التليفون, فأردت أن أخبر ابني الكبير (الذي أبحث له عن عروس) لكنه كان نائمًا متعبًا فاستعنت بالله ودخلت عليه, وواجهته, في البداية أنكر, ثم أخبرني –بجبروت- بفعلته, ثم بدأ النقاش يهدأ بعد أن انهرت في البكاء, فأنا التي حفظته في نفسي حاضرًا وغائبًا باعترافه هو, وكان جزائي أن يفعل بي ذلك, لا أصدق! وكأني أعيش قصة فيلم, ثم هدأ من روعها, وقال: إنها نزوة وستمر, وأعطاها الهاتف والخط والخط الجديد الذي اشتراه مخصوصًا ليحدث هذه المرأة, وقد أخبرته أنني لن أخبر أبنائي, لكنه لعوب وكذاب, هكذا عهدته والآن يطلب مني أن أعامله وكأن شيئًا لم يحدث, تحملت إهاناته الكثيرة لي من قبل, لكني عجزت هذه المرة أن أحل مشكلتي, ثم أني لا أفتر عن الدعاء, لكني أنهار من البكاء أحيانًا فيهدأ من روعي, ويتحنن إلي, ثم في نهاية النقاش بجبروته وكبر المعصية عنده يهددني أن يتركني وأولادي ليتزوجها, ضاربًا بعرض الحائط مشكلة ابنتي الكبيرة مع زوجها وأهله, وعندي ابنة أيضًا عمرها 15 عامًا, وأريد أن أوضح لكم أن هذه السيدة التي اتصل بها كانت عن طريق اتصاله بصديق له كان على علاقة بأخته قبل زواجنا منذ ثلاثين عامًا, ورفض أبوه هذه الزيجة لسوء أخلاق الفتاة آنذاك, وهي الآن معها ابن ومطلقة, وقد اعترف لي بعد مجيئي من بيت الله محملة بمشاعر الحج النقية لأصدم بذلك, فبعد أن اتصلت به أخبره عما حدث لي بدلًا من أن يتقي الله فيّ بدأ بعد أيام بفعل ذلك, وأنا أحاول بث المشاعر الطيبة له, وإرسال رسائل له عبر الهاتف وقد أسعده فعل ذلك, ابتغاء مرضاة الله, والمحافظة على بيتي وأسرتي, لكن الجرح الغائر بداخلي يجعل الموضوع يفتح للنقاش فينقلب الحال بيننا ويصرح مرة ثالثة ورابعة بأنه مخنوق, وقد كره البيت والدين, وهو لا يريد زوجة مثلي, ويقول: أنت تعيشين للدين, وأنا أعيش للدنيا, ويكفي 30 سنة عشتها معك, وكل واحد يذهب لحاله, ولكم أن تتخيلوا هذه السكاكين التي يمزق بها جسدي ومشاعري, ولا يبقيني معه إلا الخوف من الله أن أهدم أسرة وأسيء إلى أولادي وبناتي وهم شباب, ولكن أولادي الذين لا يعرفون عنه الأمر الأخير لا يريدونني أن أتحمل من أجلهم أكثر من ذلك.
تعبت وأخاف من الإنهيار أو المرض فأنا عندي ضغط عالٍ, وكل ما أفعله التوجه إلى الله بالدعاء, والصلاة, وأن يلهمني الحكمة في الفعل والقول, أشيروا عليّ رحمكم الله.