السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كما هو معلوم أن العمل بالقرآن واجب على كل شخص، فأنا أريد أن أطبق القرآن الكريم وأعمل به، ولكني لا أعرف كيف؟ كيف أبدأ؟ هل أبدأ من سورة الفاتحة حتى النهاية أم كيف؟
وجزاكم الله خيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كما هو معلوم أن العمل بالقرآن واجب على كل شخص، فأنا أريد أن أطبق القرآن الكريم وأعمل به، ولكني لا أعرف كيف؟ كيف أبدأ؟ هل أبدأ من سورة الفاتحة حتى النهاية أم كيف؟
وجزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بهاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فمرحباً بك أيها الولد الحبيب بين آبائك وإخوانك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله الكريم سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يزيدك حرصاً ورغبة في العمل بكتابه والاهتداء بهديه وامتثال أمره.
لا شك أيها الحبيب أن هذا القصد وهذه النية التي عزمت عليها العمل بالقرآن الكريم، لا شك بأن هذا هو باب السعادة الذي من دخله لا يشقى بعده أبداً، فإن كتاب الله سبحانه وتعالى أنزله ليكون هادياً لأحسن سبيل، كما قال في كتابه: ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ))[الإسراء:9] وأخبر سبحانه وتعالى بأنه سبب السعادة وجالب للطمأنينة والسكينة والحياة السعيدة، فقال سبحانه: ((فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا))[طه:123-124].
هذا القرآن شفاء لما في الصدور من الجهل والشكوك، وشفاء كذلك للأبدان، فهو جالب للعافية في دين الإنسان ودنياه، ولا شك أن من جعل القرآن إمامه وقائده فإنه سيقوده إلى الجنة، ومن جعله وراء ظهره فإنه سيزج به في نار جهنم والعياذ بالله.
نحن نبارك لك أيها الحبيب هذا التوجه الحسن، ونتمنى أن تزيد رغبة فيه وحرصاً عليه، فاجعل القرآن قائدك ودليلك وسيوصلك إلى رضوان الله تعالى لا محالة.
احفظ من هذا الكتاب ما استطعت، فإن قارئ القرآن يتبوأ أعلى الرتب والمنازل عند الله تعالى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من يُرد الله به خيراً يُفقهه في الدين)، وأخبر عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة عن فضل حفظ القرآن وقراءته، فأخبر أن القارئ يقال له يوم القيامة: (اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها) وأخبر عليه الصلاة والسلام بأن (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة).
والأحاديث في فضل قراءة القرآن كثيرة معلومة، فاحرص بارك الله فيك على تعلم هذا الكتاب العزيز قراءة وتجويداً وتفسيراً، وحاول بعد ذلك العمل به ما استطعت، لكن هذا العمل على مراتب، فليس العمل مرتبة واحدة، والناس ليسوا فيه سواء، فهناك أعمال واجبة يجب على الإنسان المسلم أن يتقي الله تعالى فيها فيؤديها كاملة بلا انتقاص، وذلك بأداء الفرائض التي فرضها الله عز وجل سواء فرضها في كتابه العزيز أو فرضها رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يُبين هذا القرآن ويفسره، كما أخبر الله تعالى في كتابه.
فاحرص بارك الله فيك على أن تحاسب نفسك على الواجبات الشرعية والواجبات كثيرة، منها واجبات قولية، ومنها واجبات فعلية، ومنها واجبات في القلب، ومنها واجبات في البدن، وشرح هذه الواجبات يطول، منها أركان الإسلام، ومنها ما هو دون ذلك، فاحرص أولاً على العمل بهذه الواجبات واجتناب المحرمات الصغائر منها والكبائر، وهذا أيضاً باب يطول، فالمحرمات أنواع، منها محرمات على القلب، ومحرمات على العين، ومحرمات على اللسان، ومحرمات على الفرج، ومحرمات على البطن، وهكذا اجتنب ما حرم الله تعالى.
هذه هي المرتبة الأولى أن يجتهد العبد في اجتناب ما حرم الله وفعل ما فرض الله، ثم بعد ذلك ينبغي للإنسان أن يستكثر من النوافل بقدر الاستطاعة، والأعمال الصالحة فيها المفروض وفيها النفل، فالصلوات منها ما هو فرض ومنها ما هو نفل، وقد شرع الله لنا التقرب إليه بالنفل حتى نجبر النقص الذي قد يكون في الفرض، وحتى يرفع لنا الدرجات عنده سبحانه وتعالى، فاحرص أن تنال ما استطعت من نوافل الأعمال، لاسيما ذكر الله تعالى وطلب العلم الشرعي، فإن طلب العلم الشرعي من أفضل القُرب بل هو أفضلها، وأفضل ما يُتقرب به إلى الله تعالى التفقه في دينه ليعرف الإنسان ويكون على بيّنة فيما يأتي وما يذر.
وتفاصيل هذه الجمل التي ذكرناها أيها الحبيب يطول الكلام فيها، ولكن أنت إذا شرعت في طلب العلم فإنه سيتبين لك المفروض والمندوب، وسيتبين لك الأعلى مرتبة وما دونه، وبهذا ستعرف الطريقة التي توصلك إلى الله تعالى على التفصيل.
نحن الآن نشد من أزرك ونشجعك على سلوك هذا الطريق وعدم التردد فيه، فاحرص على أن تتفقه في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على أيدي الماهرين من أهل العلم المعروفين بالعلم بين الناس، احرص على سلوك هذا الطريق وتعلم ما أمكنك تعلمه، وستتضح لك إن شاء الله تعالى معالم هذا الطريق ودلائله التي توصلك إلى الله تعالى.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفتح عليك بخير الدنيا والآخرة، وبهذا تكون قد علمت أيها الحبيب أن العمل بالقرآن لا يعني أن تأتي إلى سورة سورة منه تبحث عما فيها، إنما يجب عليك أن تتعلم الفرائض سواء كانت ذُكرت في أول المصحف أو في وسطه أو في آخره فتبدأ بها، وتجتنب المحرمات سواء ذُكرت كذلك في أول المصحف أو في وسطه أو في آخره، سواء ذُكر الفرض أو المحرم في القرآن أو ذكر في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وبهذا تسلك الطريق الذي يحبه الله والذي يوصل إليه، فقد بيّن لنا ربنا سبحانه وتعالى الطريق الموصل إلى محبته بياناً واضحاً شافياً، ومن ذلك الحديث القدسي الذي رواه الإمام البخاري – رحمه الله تعالى – في صحيحه، إذ قال الله عز وجل فيه: (وما تقرب إليَّ عبدي بأفضل ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه) فيبدأ الإنسان بما فرض الله عز وجل، ثم ينتقل بعد ذلك إلى النوافل، وبيان هذه الفرائض وتلك النوافل مما يطول، ولكن بالتعلم ستصل إلى هذا كله.
نسأل الله أن يزيدك توفيقاً وهداية وأن يرزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح.
الله يحفضكم من كل شر وأن يوصل كم الى دار القرار
الله يحفظ كل مسلم