المشهد الإستراتيجي للانتفاضة الفلسطينية يشير إلى تسارع في تطور أدوات المقاومة والقتال التي يبتكرها الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال، فإذا كان الحجر هو بداية المطاف فإن الحديث الآن يدور عن قذائف وصواريخ، ومع أنها ليست عابرة للقارات، غير أنها مزعجة لمن يبحثون عن الرفاهية والأمن في مستنقع ألغام.
ويشعر مراقبون أن هناك إصرارا على المقاومة من قبل الشعب الفلسطيني، الذي يتقن ابتكار أساليب قتالية أرهقت المحتل والمستوطن.
فمن جانبهم سجل رجال المقاومة من الفصائل الإسلامية والوطنية في أجندة المقاومة الفلسطينية العديد من الابتكارات القتالية، حيث قامت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بتطوير قنابل شديدة الانفجار من مواد محلية، تم استخدامها في الأحزمة الناسفة والمتفجرات الجانبية التي تزرع في الشوارع والطرقات ضد الآليات العسكرية الإسرائيلية، ويعود الفضل في هذا الاكتشاف للمهندس الأول يحيى عياش الذي استشهد عام 1996.
ويسجل لـ حماس أيضا في هذا المضمار أنها طورت قنبلة الهاتف النقال والتي تم استخدامها في تفجير مطعم في تل أبيب نهاية عام 2001 من خلال اتصال هاتفي على الهاتف المفخخ في مدينة نابلس، كما استطاعت المقاومة الفلسطينية ابتكار مدفع شعبي صغير يقوم بقذف قذائف الهاون والتي يصل مداها إلى ستة كيلومترات.
أما كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) فقد استطاعت أن تطور صاروخا أطلقت عليه الأقصى لكنه كان قصير المدى ولم يستعمل إلا لمرات قليلة جدا، فيما طورت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي صاروخ (السرايا) كما طورت لجان المقاومة الشعبية في قطاع غزة صاروخا آخر أطلق عليه (الناصر1، والناصر 2).
غير أن التطور الذي أثار رعب المستوطنين هو صاروخ (القسام-2) الذي يصل مداه إلى 12 كلم والذي أدى إلى إصابة العديد من الإسرائيليين، كما أصبح يشكل هاجسا يوميا للمستوطنين جنوب وشمال قطاع غزة، خاصة في عسقلان ومستوطنة سديروت في النقب الفلسطيني المحتل.
وقد أصبح هذا الصاروخ مثار اهتمام من قبل العسكريين في إسرائيل، حيث أعلن رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال موشيه يعالون أنه تم تطوير منظومة صواريخ لصد صواريخ القسام -2، وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إنه تم استعمال هذه المنظومة في منطقة النقب إلا أنها فشلت ولم تستطع صد هذه الصواريخ.
واعترف مصدر أمني إسرائيلي في مجمع مستوطنات غوش قطيف بقطاع غزة بوجود الكثير من الخلل في الآلة العسكرية الإسرائيلية، موضحا أن منظومة الإنذار المبكر التي وضعت في مستوطنة سديروت والتي فشلت كانت ستمهل المستوطنين ما بين 15 إلى 20 ثانية فقط للفرار إلى الملاجئ قبل سقوط صاروخ قسام.
ومما يعكس حالة التوتر في الشارع الإسرائيلي من التطور الملحوظ في الآلة العسكرية الفلسطينية تصريحات أبراهام رومانو أحد الذين نظموا المظاهرات احتجاجا على انعدام الأمن بالنسبة للمستوطنين، وقال فيها "لا يعقل أن أطفالا صغارا بدل أن يقرؤوا النوتا لعزف البيانو ينشغلون بتشخيص صواريخ القسام".
من جهته أكد الناطق الإسلامي باسم حركة حماس مشير المصري أن فشل جيش الاحتلال في صد صواريخ القسام، يدل على حالة الارتباك التي يعيشها هذا الجيش، مؤكدا أن صورايخ القسام قادرة على الوصول إلى أي مكان داخل المستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية، وأنها في تطور دائم.
وتابع في تصريحات للجزيرة نت أن صواريخ القسام أثبتت قوتها وقدرتها على اختراق المنظومة التي يسعى الإسرائيليون إلى إيجادها", منوها إلى أن التطور الأخير في قدرة المقاومة يأتي في الوقت الذي أرسلت فيه واشنطن 500 قنبلة "ذكية" إلى إسرائيل لمواجهة المقاومة.
ــــــــــــــــــــــــــ
الجزيرة نت.