تجمعات الشباب أمام محلات الوجبات الجاهزة، الأكل على الواقف فى فسحة المدرسة وبين المحاضرات، البسكوت والشيكولاته بدلاً من الوجبة الغذائية الكاملة، مظاهر تميز السلوك الغذائى لفتياننا وفتياتنا المشغولين بدراستهم، أو الذين انتقلت إليهم عدوى الأكل السريع الذى لا يبنى جسمًا، ولا يثمر صحة، ونحن أحوج ما نكون إلى شباب صحيح البنية، قوى الجسم يذود عن دينه ووطنه، خاصة إذا ارتبطت القوة بالإيمان، فالمؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، كما قال (صلى الله عليه وسلم).
وتعد مرحلة بداية الشباب من المراحل المهمة شديدة الحساسية للتكوين النفسى للإنسان، وهى على ذات الأهمية بالنسبة للتكوين الجسدى أيضًا، فهى فترة نمو مطرد ونشاط متزايد تحتاج إلى غذاء سليم من حيث النوع والكم، ويذكر بعض خبراء التغذية هذه المرحلة بأنها آخر فرصة للإنسان ليبنى جسمًا سليمًا يعينه باقى أيام حياته، ولأن عواقب النظام الغذائى غير المتوازن لا تظهر إلا فى سن لاحقة فى الحياة، يصعب إقناع الشاب بأن سلوكه الغذائى غير سليم.
الأخطاء الشائعة فى غذاء المراهقين:
تذكر كارلا مراد، أخصائية التغذية فى كتابها أسرار التغذية، بعض الأخطاء التى تشيع فى وجبات الشباب، وهى:
1 - كثرة المأكولات المقلية والشيبسى:
حيث يجذب الشباب مذاقها، وانتشارها بشكل مغرٍ فى المحلات والمطاعم، ومشكلتها احتواؤها على نسب عالية من الدهون مع سعرات عالية، وبذلك تأخذ مكان الغذاء الصحى كالخضراوات والحبوب.
2 - كثرة السكريات والمشروبات المحلاة:
معظم الشباب يلجؤون إلى المشروبات الغازية والعصائر المصنعة، والحلويات والمشروبات الغنية بالسكر تؤدى إلى السمنة الزائدة، والتقليل من تناول الماء والعصائر الطبيعية.
3 - كثرة الأكل بين الوجبات:
وهو عامل آخر مسؤول عن زيادة الوزن؛ حيث يخفف من شهية الشاب للوجبات الرئيسة لينكب على الوجبات السريعة حين يشعر بالجوع.
4 - قلة الخضراوات والفاكهة:
وذلك بسبب كره بعض الشباب لمذاقها، أو انشغالهم بالوجبات السريعة الأخرى، وقلة استهلاك الخضراوات والفاكهة يؤدى إلى مشاكل الإمساك، وقلة الفيتامينات والمعادن، وتظهر هذه الآثار عند بلوغ سن الرشد.
مكونات الوجبة الصحية فى مرحلة الشباب:
تقول الأستاذ الدكتورة هدى سلامة إبراهيم - أستاذة التغذية وعلوم الأطعمة بكلية الاقتصاد المنزلى جامعة حلوان - إنه نظرًا للنمو المطرد والنشاط الكبير اللذين يحتاجهما الشاب، فوجبته الصحية يجب أن ترتكز على ثلاثة أعمدة:
(1) النمو وبناء أنسجة الجسم:
وهذا دور البروتينات، ولا شيء إلا البروتينات، وهى نوعان: الحيوانى والنباتى، وإن كان الحيوانى هو الأفضل لاحتوائه على كل الأحماض الأمينية اللازمة للجسم.
(2) الطاقة:
وهنا يأتى دور الدهون والنشويات والسكريات، وتتمثل الدهون مثلاً فى الزيت أو السمن أو الزبد الداخل فى صنع الطعام، والكربوهيدرات فى الأرز والمكرونة والخبز والبطاطس وغيرها، وتوضع المكونات الخاصة بالطاقة مناسبة للنشاط الذى يقوم به المراهق.
(3) الوقاية:
من خلال الفيتامينات والأملاح المعدنية، وتوجد الفيتامينات بشكل عام فى الخضراوات والفاكهة، والتى يفضل أكلها طازجة دون التعرض للطهى والحرارة.
الأملاح المعدنية المهمة كثيرة، منها الكالسيوم المهم للعظام، والحديد لبناء الدم، والصوديوم لتنظيم الضغط الأسموزى داخل الخلايا، كما أن هناك أنواعًا من الأملاح المعدنية يحتاجها الجسم بكميات صغيرة مثل: اليود المهم لذكاء الإنسان، والاحتراق الداخلى فى الجسم والنمو.
ويوجد بسهولة فى الملح المدعم باليود، ولكن يجب الحذر من الأنواع الرخيصة من الملح التى قد تسبب تلفًا فى الكبد أو الكلية، ويوجد اليود أيضًا فى الأسماك والمأكولات البحرية، وأيضًا فى النباتات والمحاصيل التى زرعت فى أراضٍ مجاورة للمحيطات والبحار.
ويراعى عند تكوين وجبة غذائية للشاب:
1 - وزنه ونشاطه وكمية المجهود الذى يقوم به، فمثلاً يحتاج المراهق يوميًا لجرام من البروتين لكل كيلو جرام من وزنه، فإذا كان الوزن ستين كيلو جرامًا فيحتاج إلى ستين جرامًا من البروتين، وهذا يعنى شريحتين من اللحم، أو ربع دجاجة أو سمكتين، أو طبقًا من العدس أو الفاصوليا الجافة أو اللوبيا.
مع الأخذ فى الاعتبار أننا نستطيع - بإذن الله - تكوين وجبة صحية دون أن يرتبط ذلك بغلاء الثمن.
فهناك بدائل رخيصة لأطعمة غالية الثمن كما تقول هدى سلامة: فالحديد مثلاً متوافر بشكل جيد فى الكبدة إلا أنها غالية الثمن، ولذا يمكن أن نلجأ إلى الحديد النباتى المتوافر فى العسل الأسود، والباذنجان، والسبانخ، والفلفل الأخضر، والخضراوات الورقية، إلا أن الحديد النباتى أقل فائدة فى الجسم من الحيوانى بسبب صعوبة امتصاصه، ولذلك نلجأ إلى جرعة من فيتامين ج مع وجبة الحديد النباتى لرفع امتصاصه، وهذا يأتى من ثمرة من البرتقال أو عصيرها الطازج أو أى مصدر آخر، مع عدم تناول الشاى أو القهوة بعد الوجبة لمدة حوالى ثلاث ساعات.
أيضًا للحصول على وجبة من البروتين النباتى متكاملة الأحماض يمكن أن نتناول طبقًا يحتوى على الحبوب والبقول معًا، وقد يتمثل ذلك فى طبق الكشرى المعروف الذى يختلط فيه الحمض مع العدس مع الأرز، وإذا تناولنا بجانبه بيضة تكون الفائدة كبيرة.
الوجبة المنسية:
عادة ما تكون وجبة الإفطار مظلومة ومنتقصة ذلك أن الوقت فى الصباح يكون ضيقًا، فيلجأ الشاب إلى توفير وقت الإفطار لإنجاز ما عليه من واجبات، وقد يرى أن تعويض ذلك يأتى بوجبة خفيفة خلال اليوم، ولكن إلغاء وجبة الإفطار يعنى إلغاء ثلث احتياجات الجسم، كما أن وجبة الإفطار تأتى بعد مدة صيام عن الطعام لمدة ثمانى ساعات أو أكثر، مما يعنى أن الجسم يكون فى الصباح مفتقدًا لأى مصدر من مصادر الطاقة والنشاط، وتذكر الدكتورة هدى سلامة بعضًا من خصائص وجبة الإفطار:
1 - يجب أن تكون هذه الوجبة سريعة التحضير، مثلاً فطيرة بالعجوة مع كوب من الحليب، أو كوب من البليلة باللبن، أو أنواع من البسكوتات والفطائر المنزلية، وثمار من الفاكهة.
2 - يجب أن تتناسب مع الفصل الذى نحن فيه، ففى الشتاء مثلاً يجب أن تكون دافئة مثل أن تحتوى على مشروب الكاكاو بالحليب أو أى مشروب مغذ دافئ حتى تبعث الدفء والحرارة فى الجسم لكى تهيئ المعدة لاستقبال باقى الطعام.
4 - ألا تفتقر إلى الفيتامينات مثل كوب العصير، وقد يكون كوبًا من عصير الطماطم أو الليمون يحتوى على فيتامين ب المركب للذكاء والتحصيل، ويقوم كوب من بليلة القمح بهذا على أكمل وجه.
6 - تتضمن البروتينات مثل البيض أو الجبنة البيضاء أو الفول المدمس أو الطعمية ( الفلافل)، ويراعى إجبار الشاب على الإفطار، بل جذبه إلى هذه الوجبة بعوامل فتح الشهية، وتنوع المادة الغذائية يومًا بعد يوم، والتقديم الجيد لها.
ومن المعروف أن هناك أغذية تؤثر سلبًا على الجهاز العصبى مثل: الشيكولاته والمواد الحافظة والحلويات الصناعية، التى تحتوى على حمض الساليسلك، كما أن الكالسيوم له مفعول معاكس؛ حيث يريح الأعصاب، وينظم الضغط الأسموزى، وأفضل مصادره اللبن ومنتجاته.