إذا روى الحديث جمع من الرواة بنسق معين، ثم رواه راو بزيادة لفظة، أو جملة، في السند أو المتن، كانت هذه الزيادة تحمل معنى التفرد من حيث إن أحدا من الرواة، لم يشاركه فيها، وتحمل معنى المخالفة لأنه خالف سائر الرواة بذكر هذه الزيادة، فإن كان صاحب الزيادة غير ثقة كانت مردودة، لضعف الراوي الذي جاء بها، أما إن كانت من ثقة، فمنهج المتقدمين من النقاد في التعامل مع الزيادة البحث عن قرائن لقبولها.
أقسام الزيادة:
تنقسم الزيادة من حيث وقوعها إلى قسمين، زيادة في السند، وزيادة في المتن، ولها عند علماء المصطلح صورتان:
الصورة الأولى: زيادة الرفع على الوقف، أي أن يروي جماعة من الثقات حديثا فيوقفوه على صحابي، وينفرد بعض الرواة بروايته مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا الرفع الذي وقع هو زيادة في الحديث، وهذه الزيادة تحمل معنى التفرد، والمخالفة.
مثاله: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( ينضح بول الغلام، ويغسل بول الجارية ) رواه أبو داود موقوفا من طربق سعيد بن أبي عروبة، ومرفوعا من طريق هشام الدستوائي.
قال الترمذي بعد أن أخرج الحديث : رفع هشام هذا الحديث عن قتادة، وأوقفه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، ولم يرفعه، وسأل الترمذي البخاري عنه فقال: سعيد لا يرفعه، وهشام حافظ، ورواه يحي القطان عن ابن أبي عروبة عن قتادة، فلم يرفعه. وممن أخرجه مرفوعا الإمام أحمد في المسند، والترمذي وابن ماجه، ورواه موقوفا عبد الرزاق في المصنف.
فقول البخاري، هشام حافظ ( وهو ثقة ثبت روى له الجماعة) قرينة على قبوله زيادته، ثم إن الناظر في الزيادة التي جاء بها أي هشام غير منافية لما رواه غيره، لأن الحديث، وإن كان موقوفا كما رواه ابن أبي عروبة، فله حكم الرفع، لأنه متعلق بالطهارة، وهذا مما لا يقال بالرأي ، وهذه قرينه أخرى على صحة هذه الزيادة.
الصورة الثانية : زيادة راو خلال السند، وهذه لها حالتان:
الأولى: أن يكون السند الخالي من الزيادة منقطعا غير متصل، فتأتي الزيادة بوصله، وصورتها أن يروي جماعة من الثقات الحديث منقطعا بينما يرويه أحد الرواة، أو بعضهم موصولا لا انقطاع فيه.
مثاله: ما رواه الترمذي من طريق شيبان عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيها، ولا يلقاه فيها أحد، فأتاه أبو بكر فقال: ما جاء بك يا أبا بكر ؟ ) ثم رواه من طريق أبي عوانة عن عبد الملك عن أبي سلمة :(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما....) فذكر نحو حديث شيبان، ولم يذكر فيه أبا هريرة.
وقد رجح الترمذي رواية شيبان التي فيها ذكر أبي هريرة لقرينتين، أشار إليها في كلامه بعد رواية الحديث، حيث قال: حديث شيبان أتم من حديث أبي عوانة وأطول، وشيبان ثقة عندهم صاحب كتاب، ( الكتاب أضبط من الحفظ)، والقرينة الثانية أن الحديث روي عن أبي هريرة من غير هذا الوجه.
الثانية: أن يكون السند الناقص ظاهره الاتصال، وهذه الحالة خاصة بزيادة راو في الإسناد المتصل ظاهرا، وهذه الزيادة توجب البحث عن القرائن التي تبين حال الزيادة، وهي على احتمالات ثلاث:
- أن تكون الزيادة صحيحة ، والسند الناقص منقطعا، فتبين القرائن أن السند بدون زيادة هو من قبيل الانقطاع الخفي، أو تدليس من الراوي، لكون الراوي يروي بصيغة تحتمل السماع، ولا تجزم به، كمن يروي عمن عاصره واحتمل لقاؤه، وهذا ما سماه العلماء بالمرسل الخفي، وأما إن كان قد سمع منه في الجملة، لكن لم يسمع منه هذا الحديث، ورواه بصيغة توهم السماع، فيكون مدلسا، فتأتي الزيادة لتبين الساقط من السند.
- أن يكون كل من الإسنادين بالزيادة وبدونها، صحيح، فتبين القرائن أن الراوي سمع من راو عن شيخه، فرواه بالزيادة، ثم سمعه عن شيخه مباشرة، فرواه ناقصا.
- أن تكون الزيادة خطأ، والسند الناقص صحيحا بدونها، وهذه الزيادة أفردها العلماء باسم خاص، وهو المزيد في متصل الاسانيد، والفرق بينها وبين زيادة الثقة، هو أن المزيد إنما يقع في السند الذي هو قبل الزيادة متصل حقيقة، لا انقطاع فيه، أما إن كانت الزيادة صحيحة، بأن يكون الحديث قد روي على الوجهين فهي داخلة في عموم زيادة الثقة.
والخلاصة أن الزيادة يخضع حكمها للقرائن التي تحدد قبولها من عدمه، وليس كما يقول البعض إنها تقبل مطلقا، وعكس آخرون فقالوا ترد مطلقا.