وفكرتُ في الغصن الهزيل فهالني جذورٌ له في زهرة التين وَالنَّخْلِ..!
تتقاعس الجهود، وتتعثر المشاريع، ويتعب القلائل، بسبب غياب كثيرين واعتمادهم على أشخاص محددين،،،،! ثم هؤلاء المحدَّدون منتقَدون من هؤلاء وغيرهم، وأنهم أكلوا المشهد، أو اجتاحوا الفضاء، أو سيطروا على المفاصل...!
فلا هم من إخوانهم سالمون، ولا من الناس معذولون ...!
أقِلّوا عليهم لا أبا لأبيكمُ من اللوم أو سدّوا المكانَ الذي سدوا..!
ومع ذلك فإن الطريق الإصلاحي والدعوي كذا هي طبيعته، وهذا شكله وطعومته...!( ما يقال لك إلا ما قيل للرسل من قبلك )سورة فصلت.
تخلف وسلبية، وانتقاد ورزية، واتهام بلا روية، ولكن من فقِه الطريق لم يبال بالنقاد، وسار على سواء الصراط.
ونحن أمام ظاهرة سيئة، ومرض من أفتك الأمراض الاجتماعية، والتي تنخر في حياتنا، وتعوق من هممنا، وتلزمنا مقاعد التراجع والانزواء واللا مبالاة..!
ولا زلتُ منتقَدا بكل طريقةٍ ويعلم ربي وجهتي ورجائي
فإما نهوضُ يرفع الروح والمدى وإما مماتٌ دون أي حياءِ
ومن صور السلبية ما يلي :
١- الانعزال الاجتماعي: فلا يكاد يملك خيطا من تواصل مع كثرتها، ويهتم بصلاحه في نفسه، فيضيع أبوابا من الخير نافعة، ومسالك من التأثير قيمة، والسبب إيثاره الانعزال واختياره الصلاح الذاتي والأمان النفسي في ظل احتياج الناس لكل ملمة وفائدة وتصحيح وتربية وتوجيه..!وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم[ المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم ].
٢- الصمت المطبق: قد أحكم إغلاق لسانه بقفل، فلا كلام ولا نصح ولا تسديد، يُستشار فلا يُشير، ويستنصح فلا ينصح، وقد يعتقد أن الأمور في تمامها، والأعمال في ريادتها، أو يخشى الانتقاد، ويستهين دور الكلمة المفيدة والمحرضة على الخير والإنتاجية .[ لا تحقرن من المعروف شيئا ].
٣- الخجل القاتل : طغى عليه جلباب الخجل، فلا مشاركة ولا حديث، ولا حضور أو طموح، وتوقيعه الدائم: خجلان، وأستحي من الكلام...! وغيرنا كفانا، والبركة فيهم،،!
وهنا أنت أمام (معضلة اجتماعية) وثقافية، ولابد أن تتظافر الجهود في القضاء عليها...! بالتثقيف والتعليم وإطلاق المبادرات واشعال جذوة التنافس ( وفِي ذلك فليتنافس المتنافسون ) سورة المطففين.
٤- تبديد المواهب : فما إن تشع له موهبة، أو تبرز له مزية، إلا ويهملها أو يتشاغل عنها ولا يؤدي زكاتها مجتمعيا وذاتيا،،،! وتطول بها المدة حتى تتلاشى وتنتهي، باكيا عليها كل من عرفها واستحضر روعتها وإتقانها.!
أعطاكَ ربك أنداءً ومكرمةً/// لمَ الذبول لمَ التقليل والحجلُ
٥- تغييب الفضائل : فلا مقام لفضائل كالعمل والتحرك، وخدمة الآخرين، وصنع الإيجابية المجتمعية، وأخذ زمام المبادرة والاهتمام، وإسداء الأفكار، كحال العاجز والكسيح، يحتاج لمساعد،،! وتندهش من جموع غفيرة وتعيش كساحا عمليا وتنتظر مصلحين ومباركين من الخارج،،،!
٦- نسيان التواصي الشرعي: والمنصوص عليه شرعيا واجتماعيا ( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )سورة العصر .
وله أثر عجيب في رفع روح المعنويات وصناعة اليقظة وتنشيط الكسالى والراغبين، ودفع مسالك السلبيين وتهريجاتهم،،!
٧-هجران التعاون : إذ تسود الأنانية، وتغلب الذاتية، وبدلا من مكونات مؤسسية متنورة ، تلمح الحضور الفردي، والتخنذق الذاتي، والاستبداد الإداري، ولا تدوم الأعمال وترسخ إلا بفرق العمل التنوعية، وفقه العمل التطوعي المنظم، والذي يشع روح العمل والترابط وحسن التصور والتخطيط .
٨- تثبيط المهتمّين: بحيث تطلق عبارات التخذيل وغيرها، على بعض الفضلاء ليعوقوا سيرهم، ويصادروا جهدهم( قد يعلم الله المعوِّقين منكم ) سورة الأحزاب .
٩- اتهام النيات : لا يشارك بعضهم إلا بالاتهام وتراه بارعا فصيحا في ذلك، قد زاد على خطيئة الانزواء، خطيئة طعن الناس والتدخل في نواياهم والتفتيش في دواخلهم..![ إن أربى الربا استطالة المسلم في عرض أخيه المسلم ].
وحينما تكون الوقيعة في أناس عاملين مجدّين، قد ملأوا المشهد ، وأثروا دعويا وإداريا وفكريا، فذلك من الشطط والفعل المسموم..!( لقد قلنا إذاً شططا ) سورة الكهف.
وفي ظل الفلاشات الإعلامية والتغطية الضرورية للنشر والإفادة، عظمت التهم واستشرت بجلاء، وما شقوا البطون أو خرقوا القلوب ليعرفوا حقيقة المخلص من غيره، فالحذر الحذر، والعاقل تكفيه ذنوبه عن استلحاق ذنوب الآخرين .
١٠- التعليق النشاز: ليعالج هوان تحركه وخلوده للفعل السلبي الغائر في الاحباط والتخذيل، كما قال المنافقون في الزمان الاول(لو أطاعونا ما قتلوا هاهنا)والواجب الثناء بالشهادة والاستبسال في سبيل الله، كما قال عز وجل(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ...) سورة آل عمران .
ومن حين لآخر تسمع :
• لا تتعب نفسك- الله في غنى عن صدقتك- والعلماء كثيرون ومن أنت- تعلم ثم تكلم- صغار برزوا بلا مقدمات-
وقد يكون بعضها صحيحا ولكنها تساق للنبذ والتحطيم الاجتماعي والثقافي، وهذا لا يجوز، ودافعه غالبا الجهل أو الحسد وتكريس السلبية والتواكل، والله المستعان.
وحينما تدرك خطورة فكر أو توجه كهذا تعلم لماذا تفشل بعض الجهات ولا ينتج عاملوها أو منتسبوها...!
• فالموظف يقول كفاية عملي وراتبي المناسب له.
• والمتدين يقول صلاحي أولى، ولا علاقة لي بالناس.
• والخطيب يقول الناس لم تعد تستمع وتحضر متأخرة.
• والإداري يقول لست أول متخلف ومتسيب.
• والداعية يقول نصحنا والاستجابة قليلة ومن ثم يقل عمله .
• والأمهات معولات على الشغالات.
• والجهات الخيرية تأتسي بالجهات المقصرة والموغلة في الترهل، وتسرح موظفيها..!
• والفقيه يشكو قلة الطلاب، فيعمد للاعتكاف المكتبي والعبادي.
• والفارغ يعيش السطوة النقدية، فيوزع أوسمة النجح والظفر والتزكية القلبية الخفية، ولا يكاد يبقي أحدا..!
فاللهم وفقنا لحسن العمل والتعاضد، وأن نكون لبِنة بناء، لا لبِنة هدم، والله الموفق والمعين ...!
ومضة السلبيون كالأشجار الموحشة والثمار التالفة، إذا تمادت اتسعت..!