لو أردنا أن نجمل الإجابة حول أهم أنواع القراءة لقلنا:هناك القراءة الكشفية أو الاستكشافية، وهي غالباً ما تكون قبل شراء الكتاب، لتحدد ما إذا كنت بحاجة لشراء ذلك الكتاب أم لا؟ وهل يصب ضمن أولوياتك أم لا؟ وهل يحقق الهدف الذي تنشده أم لا؟
ووسيلة الاكتشاف تكون عبر قراءة مقدمة الكتاب، وفهرسه، وبعض موضوعاته، وكذا التعرف على مؤلف الكتاب، والمصادر التي اعتمد عليها في تأليفه ... ونحو هذا.
ثم هناك القراءة السريعة أو ما يسمى بقراءة الجرد، وهي غالباً ما تكون للبحث عن أفكار إضافية تثري بها معارفك من هذا الكتاب أو ذاك، وهي طبعاً لا تكون مع كل الكتب، فهناك الكتب التخصصية التي تحتاج إلى قراءة عميقة متأنية، وهناك الكتب الخفيفة، أو كتب التسلية، أو الكتب التي تستدعي الاطلاع على الأفكار الجديدة فيها، وتمتاز القراءة السريعة بالقفز على ألفاظ الكتاب للوصول إلى أفكار الكتاب، وهي ممكنة الوصول إليها عبر التدرب على مهاراتها وتقنياتها المعروفة.
ثم هناك القراءة التحليلية وهي درجة متقدمة من القراءة، وغالباً ما يمارسها الباحثون، وأهل الاختصاص، سواء كان من أجل نقد أفكار الكتاب، أو من أجل دراسة بحثية حول موضوع ما، والوصول إلى هذا النوع من القراءة يتطلب إتقان مهارات النقد، والتقويم، والتحليل، والاستنتاج، وطرح الأسئلة على أفكار الكتاب، ومدى جدية معالجتها.
وهناك أيضاً ما يمكن أن نسميه بالقراءة الدراسية أو المدرسية، وهي التي يمارسها الطلاب في مراحل تعليمهم العام أو الجامعي، وغالباً ما يكون غايتها اجتياز اختبار تلك المادة، فيتم التركيز فيها على الحفظ أكثر من الفهم، وهذا أمر يختلف حسب استعدادات كل طالب ورغبته.
وهناك نوع من القراءة يمكن أن نسميه قراءة التسلية وهي التي عادة ما تكون من أجل تزجية وقت فراغ، أو الاستمتاع بفن محبب للنفس، ككتب الأدب، أو الرواية، أو السير، والمذكرات ونحو هذا، وهذا يفترض أن لا تأخذ وقت القارئ، وإنما يقضي فيها أوقات ثانوية في يومه وليلته، أو حتى في رحلاته ونزهاته الشخصية، ويفرغ جادة وقته للقراءات العميقة والتخصصية الجادة.
وهناك نوع مهم من القراءة وهو لمن أراد رسم منهجيته في القراءة؛ وهو ما يمكن تسميته بالقراءة الأفقية أو المسحية، والتي يهدف القارئ من ورائها للاطلاع العام على مجالات المعرفة عموماً، فيقرأ في هذا المجال، وذاك، والآخر، والرابع ولو كتاباً أو كتابين في كل فن، ثم ينظر أي المجالات وجد فيه ميلاً فيتخصص من خلاله، ويبدأ في رسم قراءة أو منهجية عمودية تخصصية لبلوغ هدفه في ذاك المجال.
وحتى تكون القراءة مثمرة وذات نتائج طيبة ينبغي لك وأن تقرأ أن تلاحظ ما يلي :
1- أنت لا تحتاج أن تقرأ عنْ كلِّ شيءٍ:
فليس كل كتاب، أو مجلة، أو بريد إلكتروني تحتاج إلى قراءته أو قراءتها، فمُعظم المجلاَّت والرسائل الإلكترونية في حقيقتها لا تحتوي على ما ينفعكَ؛ لذلك منَ المهم أن تتحكَّم فيما تقرأ، والوقت التي تبذله في القراءة، واخترِ الكتاب الذي يتناسب مع تخصصكَ واهتماماتكَ ومجالك الذي تريد أن تبرزَ فيه.
2- حَسِّن ورَتِّب وهَيئ مكان قراءتكَ:
فأنتَ سوف تقرأ وتستوعب بشكلٍ أفضل، إذا كان المكان الذي تقرأ فيه مرتَّبًا ومُهَيَّأ بشكلٍ يساعدك على القراءة، وتعتبر راحتكَ في وضعيَّة الجلوس عاملاً مهمًّا للاستمرار في القراءة، وقد ذكر الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله : أنه قد رَتَّب وسائد بأحجام مختلِفة يضعها خلف ظهره، أو يَتَّكئ عليها حسب الوضعيَّة التي تساعده أن يكونَ في راحة تامَّة أثناء القراءة.
3- رَكِّز: تذَكَّر جيدًا أنكَ تقرأ، ولديك هدف وغرض وغاية من قراءتك؛ لذا يجب عليك التركيز في المادة المقروءة، وإذا فقدتَ التركيز والاهتمام بعد فترة منَ القراءة، يمكنكَ أخْذ راحة، أو قراءة كتاب آخر، والمهم هو أن تحافظَ على مسارِكَ في القراءة، وحسب المادة التي تقْرَأها وترجو منها الفائدة الفكرية والذهنية لعقلك، الذي يتطوَّر بشكلٍ مستمرٍّ مِن خلال القراءة، والتَّعلُّم بالطُّرق المختلفة، ولا تنسَ أنَّ القراءة أهم طرق التعلُّم؛ كما تشير إلى ذلك الكثيرُ منَ الدِّراسات.
ختاماً : تذكر أن القراءةُ ليستْ هواية كما يظن الكثيرون، ومِن سخف القول أن يجيبَ أحدُهم عندما يُسأل عن هوايته بأن هوايته القراءة، إنها منهج حياة متكامِل وضروري ومهم وحيوي، لمن أراد أن يكونَ مشعل نور وإضاءة، وقائدًا ذا أَثَرٍ في هذه الحياة.