الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تطبيق الشريعة

تطبيق الشريعة

تطبيق الشريعة

تطبيق الشريعة في الأرض أمنية كل مسلم صادق في ولائه لدينه وحبه لربه، وقد غدا ذلك معلوما لكل أحد حتى إن الكارهين لشريعة الله من العلمانيين والليبراليين وغيرهم يرفعون هذا الشعار عند الانتخابات ليقينهم أن هذا مطلب شرعي جماهيري وأنه لا يحوز رضا الناس وثقتهم وموافقتهم إلا من تمسك به ولم يتخل عنه.

وفهم عامة المسلمين في القرون المتأخرة في كثير من بلاد المسلمين للشريعة اعتراه قصور شديد وعلاه غبار ودخن كبير، وهو ما مكن بعض من يرفعه زورا وكذبا من التملص من مقتضياته عند الاحتياج إليه.

والشريعة: الطريقة والمنهاج، ويراد بها كما "قال قتادة: الفرائض والحدود والأمر والنهي".
ومن ثم فإن تطبيق الشريعة ليس عمل السلطة الحاكمة فقط في إقامة الحدود، وإنما هو عمل يشترك فيه الراعي والرعية؛ لأن تطبيق الشريعة منه ما هو عمل حكومي ومنه ما هو عمل شخصي، والقصور فيه مشترك.. وهذا لا يمنع أن تكون مسئولية الراعي أشد من مسئولية الرعية؛ لما يملكه من أدوات تمكنه من التنفيذ، وقد قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها}، فأمره باتباع ما شرعه له وأمته تبع له فيما أمره به، ثم حذره من مخالفتها فقال له: {ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون}.. فبين أن مخالفة الشريعة أو تركها إنما هو اتباع لأهواء الجاهلين الذين لا يعلمون، وهؤلاء مهما أوتوا وبلغوا من القوة والسلطان فإنهم لن يغنوا عن المخالف من الله شيئا، ولذلك بعدما نهى الله تعالى عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون عقب بقوله: {إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين}، فبينت الآيات أن الظالمين يتولى بعضهم بعضا في محادتهم لله ورسوله والمؤمنين، لكن ولايتهم لبعضهم لا تنفعهم لأن الله خاذلهم؛ ولهذا لا ينبغي أن يخاف المتقون الذين يتبعون شريعة الله من تعاون أهل الباطل وتناصرهم على الباطل لأن الله ولي المتقين وناصرهم.

والشريعة لا يحق لأحد شرعها إلا الله تعالى كما قال: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحيناإليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}، ولذلك بينت الآيات أن التشريع المخالف للدين الحق لا يقوم به إلا المشركون قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}.

والله تعالى ما شرع الشرائع إلا لخير البشرية ورحمة بها فكان في تطبيق شريعته بين الناس الرحمة والحق والعدل وكان الظلم والقسوة والفساد في البعد عنها، والتاريخ أمام ناظرينا يثبت لنا أنه ما من جيل طبق الشريعة كما يحب ربنا ويرضى إلا نعم بذلك وعاش في أمن ورغد من العيش، وما من جيل عتى عن أمر ربه إلا ابتلوا بالشدة وشظف العيش وغياب الأمن وضياع العدل، ومن ثم فإنه ينبغي لكل مسلم أن يحرص على تطبيق الشريعة أشد الحرص وأن يبذل غاية وسعه في تحقيق ذلك؛ وذلك لخير دنياه حيث يحيا حياة آمنة مطمئنة، وخير آخرته حيث يقدم على ربه راضيا مرضيا، اللهم اجعلنا ممن يستمسك بشرعتك ويسعى في نصرتها وظهورها على الدين كله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البيان: محمد شاكر الشريف

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

خواطـر دعوية

فأما اليتيم فلا تقهر

إن مظلة العدالة في الإسلام تحمي الضعاف، وتحنو على الصغار وتحفظ حقوقهم وتنظم علاقاتهم فلا يستذل فيها ضعيف لضعفه،...المزيد