الرضاعة الطبيعية: هي الطريقة التقليدية والمثلى لتغذية الطفل الرضيع من ثدي أمه فقط، من غير إضافة أي شيء؛ لسد جميع احتياجاته الغذائية خلال الأشهر الستة الأولى من عمره، وهذا ما يسمى بـ "الرضاعة الخالصة".
ويتفوق لبن الأم تفوقـًا حاسـمـًا من ناحية تركيبه الفريد واحتوائه على المواد الأساسية للحياة، والتغذية والنمو، من بروتينات، ودهنيات، وفيتامينات، وأملاح ومعادن؛ فهو يحتوي على كل هذه المكونات في أروع نسبة وأفضل تركيب للاستفادة الكاملة منه طوال مراحل النمو للطفل، كما أكدت الأبحاث الطبية أن لبن الأم يحتوي على خلايا تستطيع تكوين أجسام مضادة للميكروبات والفيروسات، وهذه الأجسام المضادة عُرف منها أربعة أنواع - حتى الآن - قادرة على حماية الطفل ووقايته من كثير من الأمراض، ولفترات مختلفة من عمره.
كما أن لبن الأم يحمي الطفل من أمراض الحساسية الغذائية التي تبدأ مع الشهور الأولى من حياة الطفل، وتكون على شكل طفح جلدي أو اضطرابات هضمية أو ضيق في النفس، وقد تؤدي إلى فقدان الوعي، ويقال : "إن الوراثة لها تأثير على استعداد الطفل للإصابة بهذه الحساسية ؛ إلا أن لبن الأم يساعد على الوقاية منها".
وقد نوقشت نتائج البحوث التي أجراها الدكتور "فيالات" أستاذ أمراض الحساسية بكلية طب باريس مع الدكتور "سمير خضر" أستاذ الصحة العامة بكلية "طب طنطا"، وملخص نتائج هذه البحوث أن لبن الأم يحتوي على بعض الأجسام المناعية التي تقلل من إفراز مادة الأميونو جلوبين المسببة للحساسية، ولذلك كان للرضاعة الطبيعية أثر كبير في منع ظهور الحساسية في السن المبكرة للطفل.
كما أن لبن الأم يحتوي على مواد بيئية تحمي الطفل من الإصابة بأي مرض بالإضافة إلى أنه يعطي فرصة لبناء جهازه المناعي لمدة ثلاثة أشهر تقريبـًا.
وأكدت الأبحاث الطبية، على الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية من الأم، وآخرين يرضعون حليبـًا مجففـًا مذابـًا في الماء، أن مادة الدهنيات الفوسفورية الموجودة في حليب الأم بنسبة كبيرة، والتي تدخل في تركيب الجهاز العصبي للطفل تلعب دورًا أساسيـًا في نموه، ولها تأثير كبير يمتد أيضـًا إلى نهاية عمر الإنسان، وقد أكدت أن أطفال الرضاعة الطبيعية أكثر ذكاء من أطفال الرضاعة الصناعية، والسبب في ذلك هو أن أسرع مرحلة لنمو المخ في الإنسان تكون في العام الأول من حياته، فيكون حينئذٍ في حاجة إلى مواد غذائية كاملة، وهي لا تتوافر إلا في لبن الأم، وأي نقص في هذه المواد خلال هذه الفترة غالبـًا ما يؤدي إلى نقص في القدرات العقلية..
فوائد الرضاعة الطبيعية :
أولاً: يعد لبن الأم أفضل غذاء للطفل، ويساعد على النمو السليم والتطور النفسي والعقلي؛ فهو نظيف وخال من البكتريا، ويحتوي على خلايا الدم البيضاء الحية التي تعين على محاربة الأمراض. ويوفر المناعة اللازمة للرضيع ويقيه من أمراض الجهاز الهضمي والإسهال، وأمراض الجهاز التنفسي والتهاب الأذن الوسطى، ومشاكل الحساسية، ووفاة المواليد المفاجئة، كما يساهم في إحداث الارتباط الوثيق بين الأم والطفل ما يزيد من قدرة الطفل على التحصيل العلمي في المستقبل.
يضاف إلى ذلك إمداده بطعام متوازن ومغذٍّ ومناسب لفترة نموه، خصوصًا خلال الأشهر الستة الأولى من حياته ؛ حيث إن لبن الثدي يحتوي على:
- كمية من الماء تكفي الرضيع حتى في الأجواء الحارة.
- كميات متفاوتة من الحديد، الملح، الكالسيوم والفوسفات تكفي حاجته خلال هذا العمر.
- كمية من إنزيم الليبيز التي تساعد على هضم الدهون.
- أكثر أنواع البروتينات والدهون المناسبة للطفل وبالكميات المطلوبة.
- فيتامينات كافية للرضيع.
- يساعد على النمو بشكل أفضل بالنسبة إلى الفك، النطق والأسنان.
فوائد للأم أيضاً
وبالنسبة لفوائد الرضاعة للأم فإن الرضاعة الطبيعية تساعد على:
- وقف النزيف بعد الولادة.
- المباعدة بين الحمل والآخر، خصوصًا إذا كانت مستمرة كل 2-3 ساعات صباحًا ومساء، ودون إضافة الرضاعة الصناعية.
- فقدان الوزن الزائد بسرعة.
- التمتع بالصحة السليمة عن طريق تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي، وتقليل خطر الإصابة بسرطان المبايض، بالإضافة إلى اختصار الوقت، حيث إن لبن الأم جاهز للرضاعة دائمًا ولا يحتاج إلى تحضير أو تدفئة، كما أن الأم تستطيع إرضاع طفلها في أي وقت.. وأي مكان.. من غير تحضيرات خاصة.
- توفير المال حيث إن لبن الأم رخيص الثمن فهو لا يشترى بالمال. وأخيرًا تقوي علاقة الارتباط والحب بين الأم وطفلها.
أخطار الرضاعة الصناعية:
يمكن حصر أخطار الرضاعة الصناعية بأخطار على الطفل، وأخرى على الأم؛ فأما أخطار الرضاعة الصناعية على الطفل فهي متعددة ويأتي في مقدمتها: - سهولة تلوث الحليب بالجراثيم والبكتيريا، نتيجة لعدم غسل الزجاجات أو الحلمات والملاعق المستخدمة جيداً، أو من تلوث الماء واليدين بجانب أنه لا يوجد حليب صناعي يحتوي على مواد مضادة للميكروبات تحمي الطفل من الالتهابات.
- الحليب الصناعي سرعان ما يفسد إذا لم يستخدم بمجرد تحضيره، خاصة في الجو الحار.
وعادة ما يكون الحليب الصناعي على شكل بودرة، يحتاج تحضيره إلى إضافة الماء، وهناك احتمال بأن تخطئ الأم بكمية الماء فينتج حليب مركز أو خفيف يسبب اضطرابات في أمعاء الطفل أو لا يفي حاجته الغذائية.. بالإضافة إلى أن ثقب الحلمة قد يكون ضيقاً فيعاني الطفل من صعوبة في الرضاعة أو قد يكون واسعاً فينتج عنه سرعان تدفق الحليب الذي يسبب الاختناق.
وقد يتلوث الحليب أثناء عملية تحضيره، وقد يسبب زيادة في وزن الطفل عن المعدل الطبيعي، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وقد يتعرض الرضيع للإصابة بالحساسية، وزيادة معدلات الإصابة بالنزلات المعوية والأمراض التنفسية والإسهال المستديم، وقد يعرض الطفل عن رضاعة ثدي أمه لأن الرضاعة الاصطناعية قد أشبعته، وأخيراً تسبب الالتباس والتشويش للحلمة واختلال الارتباط العاطفي بين الأم والطفل.
أما أخطار الرضاعة الصناعية على الأم فتتمثل في تأخر وتقليل إدرار الحليب؛ لأن الطفل لا يمص الثدي كما ينبغي. وزيادة احتمالات احتقان الثديين أو التهابهما؛ لأن الطفل لا يشفط اللبن بانتظام بجانب زيادة احتمالات حدوث الحمل السريع، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض والسمنة، وعدم استعادة الرشاقة بعد الولادة.
وعند البحث في أسباب رفض المرأة إرضاع طفلها نجدها تنحصر في ثلاثة:
أولها: خروج المرأة للعمل والدراسة، وخوفها أن تؤثر الرضاعة على رشاقتها، وثانيها: رغبتها في تقليد الغرب واستعمالها لوسائل الرضاعة الصناعية باعتبارها نوعًا من التمدن.
وآخرها: جهل الأم بالطريقة المثلى للرضاعة.
نصيحة أخيرة..
ننصح الأمهات بأن يبدأْن الرضاعة الطبيعية منذ الساعات الأولى بعد الوضع، أي منذ تكوّن اللبن الأول وهذا لابد أن يكون خلال الأيام الأولى من الوضع، وينصح بأن تكون الرضاعة من ثدي واحد، لمدة لا تقل عن نصف ساعة حتى تتأكد من أن الطفل قد شبع، وذلك لأن اللبن الأول يحتوي على الماء والسكر الذي يزيد شهية الوليد ويشجعه على الرضاعة أكثر..
ومن هذا كله نعلم سر قول الله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ…)[البقرة]