الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حسن الخاتمة وسوء الخاتمة

حسن الخاتمة وسوء الخاتمة

حسن الخاتمة وسوء الخاتمة

هذه حكاية ذكرها أحد العاملين في مراقبة الطرق السريعة ، كانت له ذكرى ، وأنا أسطرها هنا عساها تكون لنا عبرة ، فأعظم القصص ما كان حقا وواقعيا ، وما كان من ورائه منفعة لقارئه ، فاقرأ أخي الحبيب وتذكر قول الله تعالى : { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}، وانظر أي الخاتمتين تحب أن تكون خاتمتك فاعمل لها ، واجهد لتكون من أهلها ، واعلم أن الأعمال بالخواتيم .. رزقني الله وإياك حسن الخاتمة .

قال صاحبنا : فجأة سمعنا صوت ارتطام قوي فإذا سيارة مصطدمة بسيارة أخرى، حادث لا يكاد يوصف ، شخصان في السيارة في حالة خطيرة أخرجناهما و وضعناهما ممدين ، أسرعنا لإخراج صاحب السيارة الثانية فوجدناه قد فارق الحياة .. عدنا للشخصين فإذا هم في حالة الاحتضار ، هب زميلي يلقنهم الشهادة ولكن ألسنتهم ارتفعت بالغناء .. أرهبني الموقف . وكان زميلي على عكسي يعرف أحوال الموت أخذ يعيد عليهما الشهادة ، وهما مستمران في الغناء لا فائدة .. بدأ صوت الغناء يخفت ، شيئا فشيئا سكت الأول .. برهة ، وتبعه الثاني .. فقدا الحياة ، لا حراك .. لم أر في حياتي موقفا كهذا.

حملناهما في السيارة .. قال زميلي: إن الإنسان يختم له إما بخير أو شر بحسب ظاهره وباطنه ، قال فخفت من الموت واتعظت من الحادثة ، وصليت ذلك اليوم صلاة خاشعة .

قال صاحبنا : بعد مدة حصل حادث عجيب!! شخص يسير بسيارته سيراً عادياً ، تعطلت سيارته في أحد الأنفاق المؤدية إلى المدينة ، فترجل من سيارته لإصلاح العطل في أحد العجلات ، جاءت سيارة مسرعة وارتطمت به من الخلف ، سقط مصاباً إصابات بالغة ، فحملناه معنا في السيارة وقمنا بالاتصال بالمستشفى لاستقباله ، شاب في مقتبل العمر متدين ـ يبدو ذلك من مظهره ـ عندما حملناه سمعناه يهمهم فلم نميز ما يقول ، ولكن عندما وضعناه في السيارة سمعنا صوتا مميزًا .. إنه يقرأ القرآن و بصوت ندي .. سبحان الله لا تقول أبدا إن هذا مصاب قد غطى الدم ثيابه و تكسرت عظامه ، بل هو على ما يبدو على مشارف الموت .. استمر يقرأ بصوت جميل يرتل القرآن.

فجأة .. سكت ، التفتُّ إلى الخلف فإذا به رافع إصبع السبابة يتشهد ، ثم انحنى رأسه .. قفزت إلى الخلف .. لمست يده ، قلبه ، أنفاسه ، لا شيء .. فارق الحياة .. نظرت إليه طويلاً .. سقطت دمعة من عيني .. أخبرت زميلي أنه قد مات .. انطلق زميلي في البكاء ، أما أنا فقد شهقت شهقة وأصبحت دموعي لا تقف.. أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثرا .

وصلنا إلى المستشفى .. أخبرنا كل من قابلنا عن قصة الشاب , الكثيرون تأثروا ذرفت دموعهم . أحدهم لما سمع قصته ذهب وقبل جبينه .. الجميع أصروا على الجلوس حتى يصلى عليه .

اتصل أحد الموظفين بمنزل المتوفى ، كان المتحدث أخاه ، قال عنه : أنه يذهب كل يوم اثنين لزيارة جدته الوحيدة في القرية ، كان يتفقد الأرامل والأيتام والمساكين .. كانت تلك القرية تعرفه فهو يحضر لهم الكتب و الأشرطة ، وكان يذهب و سيارته مملوءة بالأرز و السكر لتوزيعها على المحتاجين ، حتى حلوى الأطفال كان لا ينساها ، وكان يرد على من يثنيه عن السفر و يذكر له طول الطريق كان يرد عليه بقوله : إنني أستفيد من طول الطريق بحفظ القرآن و مراجعته وسماع الأشرطة النافعة ، وإنني أحتسب إلى الله كل خطوة أخطوها .

يقول ذلك العامل في مراقبة الطريق : كنت أعيش مرحلة متلاطمة الأمواج ، تتقاذفني الحيرة في كل اتجاه بكثرة فراغي وقلة معارفي ، وكنت بعيداً عن الله ، فلما صلينا على الشاب ودفناه واستقبل أول أيام الآخرة استقبلت أول أيام الدنيا .. تبت إلى الله عسى أن يعفو عما سلف ، وأن يثبتني على طاعته، وأن يختم لي بخير .
…………………………..........
الزمن القادم لعبد الملك القاسم (بتصرف)

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

خواطـر دعوية

فأما اليتيم فلا تقهر

إن مظلة العدالة في الإسلام تحمي الضعاف، وتحنو على الصغار وتحفظ حقوقهم وتنظم علاقاتهم فلا يستذل فيها ضعيف لضعفه،...المزيد