كانت هموم وواقع النساء المسلمات في أنحاء العالم ، موضوع حوارات وتقارير ودراسات قدمتها وفود نسائية شابة من 45 دولة شاركت في الملتقى العالمي للفتيات المسلمات وتراوحت أعمار المشاركات الزائرات بين 16 و 20 عامـًا .
ودارت المناقشات والتصورات حول كيفية التعايش مع مستجدات عصر العولمة ، وأساليب تقديم الإسلام للعالم بصورته الحضارية الحقيقية ، وطرق الرد على الافتراءات التي تشوّه سمعته ، سواء أكان ذلك من الحاقدين من غير المسلمين ، أم من المسلمين الذين يسيؤون بجهالتهم إلى دينهم العظيم .
وناقشت الحاضرات عدم وجود خطط مدروسة لمساعدة المسلمات في الخارج ، وهو ما يجعلهن يشعرن بأنهن يواجهن الضغوط والإغراءات وحدهن .
المسلمة الأندلسية :
عائدة روميرو ، من أسبانيا ، فتاة في العشرين من العمر تتحدث اللغة العربية الفصحى بطلاقة ، تعلمتها كما تعلمها أبواها اللذان أشهرا إسلامهما أيضـًا ، وسافرت العائلة إلى مكة المكرمة لتتعلم الدين الإسلامي ، وأقاموا فيها مدة تسع سنوات ، وهناك أصبح والدها أستاذًا في الشريعة الإسلامية وصارت والدتها أستاذة في القراءة والتلاوة والتفسير ، وتقول : " الدين الإسلامي انتشر في نفوس أهل الأندلس بيسر وسهولة ، اعتنقوه وعرفوا عاداته وتقاليده التي مازلت باقية حتى الآن ، لكنه يجد أيضـًا العوائق والأضرار الناتجة عن مؤامرات محاكم التفتيش ، التي حاولت بكل إمكاناتها تشويه صورة المسلمين ، فحولوا المساجد إلى كنائس ، ودمروا الثقافة الإسلامية ، وطردوا المسلمين ، وقالت : إن مشكلة الفتاة في البلدان الغربية أنها تتعلم دينها وسلوكها الإسلامي في منزلها بين عائلتها ، وفي بعض الحالات بين مجموعات صغيرة ومحدودة من المسلمين ، في المساجد والجمعيات المنتشرة في المدن الكبيرة .
والفتاة عندما تنتظم في دراستها مع رفقائها في المدارس الغربية النصرانية أو العلمانية ، تجد نفسها بين أمرين أولهما دينها وسلوكها الإسلامي ، الذي عليها أن تحميه وتتمسك به ، وثانيهما رفقاؤها في المجتمع الغربي المغري بالفساد والشبهات .
وأكدت ضرورة بناء مدارس ومعاهد إسلامية في البلدان الأوروبية والغربية ، على أن تكون معترفـًا بها من الجهات الرسمية الحكومية ، وأعتقد أنه على الجمعيات والمنظمات الإسلامية في الأقليات المسلمة أن تتمسك ببعضها بعضـًا ، وتعمل على كلمة واحدة ، حتى لا تشعر الفتاة المسلمة بالوحدة والغربة في المجتمع الغربي ، وحتى توقن أن دينها شرف كبير وتاج على رأسها .
وتضيف عائدة : أن المجتمع الغربي مهما بلغ من العلم والتقنية إلا أنه ملوث في جميع مجالاته ، وأشارت إلى إسهامات إسلامية في دعم المسلمين في أوروبا .
وتضيف قائلة : إن أسبانيا ، التي ظلّت دولة إسلامية مدة ثمانية قرون لا تعطي الآن أي اهتمام للغة العربية ، وكذلك للإسلام الذي لا يعرف أحد عنه شيئـًا ، فيحاولون تشويهه بشتى السبل ، ويصورون المرأة المسلمة على أنها متخلّفة وجاهلة .
وذكرت أن الحكومات الغربية تفرض قيودًا وقرارات ، مثل الزواج ، وتعدّد الزوجات لا يقبلونه ، فالمرأة الثانية تعتبر كالعشيقة ولا يسمحون للرجل المسلم بأن يتزوج للمرة الثانية.
مدونة الأحوال الشخصية :
وتشير "مريم خنيجر " من المغرب ، إلى أن بلادها مقبلة على تطبيق مشروع الخطة الوطنية لدمج المرأة في التنمية ، خلال السنوات الأربع المقبلة ، وتعتبر أن هذا المشروع يلفظ آخر سمومه للقضاء على آخر حصن من حصون الإسلام المنيعة، وهي " مدونة الأحوال الشخصية ".
صوّر هذا المشروع الظروف ، التي تعيشها الفتاة المغربية المبنية على أُصول من الشريعة الإسلامية في صورة الانحطاط والتخلّف والظلم، وتؤكد مريم أن هذا المشروع ليس وطنيـًا كما ادعى واضعوه ؛ لأنه عالج موضوع الأُسرة من منطلق أيديولوجي ضيق، وفي غياب العديد من الهيئات الوطنية ، فلم تتم استشارة العلماء ، أو حتى استقراء آراء المواطنين ، وجعل الطلاق في يد القاضي.
وقالت : إذا كان الطلاق من الحرية الشخصية التي يجب أن تقيد بسبب آثاره السلبية على المجتمع ، أفلا ينطبق الأمر بالأولى على الخمر ، والتي لها آثار مدمرة ، ليس على الأسرة فحسب ، ولكن على المجتمع برمته ؟ أليس الخمر من أسباب العنف ضد النساء .
وذكرت أن الأفكار التي ابتدعها المشروع تقسيم الملكية مناصفة بين الزوجين المنفصلين بالطلاق ، كما حدد سن الزواج بالنسبة إلى الفتاة ابتداءً من الثامنة عشرة ، واعتبرت ذلك نوعـًا من القهر النفسي والاجتماعي ، والغريب في الأمر أنه في الوقت الذي ينادي المشروع بذلك ، نجده يشجع على العلاقات غير الشرعية بين المراهقين والمراهقات ، ونشر ثقافة الجنس في المدارس ، والدعوة إلى استعمال العازل الطبي ، حيث وصل الحال إلى توزيعه مجانـًا في الأكشاك ، أليست هذه دعوة صريحة للجنس المحرم ، الذي اعتبره القرآن الكريم فاحشة ومقتـًا ؟ ألا يعتبر 360 حالة أم عازبة تضع حملها في مستشفى " ابن رشد " في الدار البيضاء خلال سنة واحدة وفي مدينة واحدة مؤشرًا خطيرًا ، وكارثة وطنية؟.
قلب أفريقيا :
وتؤكد " فاطمة الزهراء " من جمهورية تشاد التي يشكل فيها المسلمون 85 في المئة من عدد السكان ، أن اللغة العربية هي اللغة المتداولة في تشاد ، رغم أن الاستعمار الفرنسي فرض اللغة الفرنسية ، إلا أن اللغة العربية لها قوتها وسيطرتها ، حتى أصبح في الدستور ، العربية والفرنسية لغتين رسميتين للدولة ، وذكرت أن تشاد موجودة في قلب القارة الأفريقية ، وليس لها منفذ بحري ، إلا أن الإسلام دخلها منذ زمن الهجرات ، وكانت لها ممالك إسلامية مثل " مملكة كانم ، وبرنو ، وودّاي ، وباقري " وكانت اللغة المتعامل بها العربية ودستورها الإسلام ، وعندما دخل الاستعمار عام 1900م أزال الممالك وفرض اللغة الفرنسية .
وأشارت إلى عدم تأثر البلاد بحركة التبشير باستثناء الجنوب ، حيث قامت حركات التبشير بإمداد السكان بالمعونات المادية وبناء المستشفيات والمراكز الصحية ، وقالت : إن للفتاة المسلمة في تشاد ميزة خاصة ، وهي أنها محتشمة وملتزمة بالأخلاق الحسنة ؛ لأن نشأتها في أُسرة إسلامية وأول نواة تعليمها هي " الخلوة " وفيها تتعلّم تلاوة القرآن الكريم والعلوم الدينية ، ثم تلتحق بالمدرسة الابتدائية ، وتكمل تعليمها .
وذكرت أن الفتاة التشادية كانت تسافر للدراسة في السودان وليبيا ونيجيريا وسوريا والجزائر ، كما أن لها دورًا في المجال الاقتصادي .
فقر وجهل :
وتؤكد " مناية أبو بكر " من غانا ، أن المرأة تعاني الفقر والجهل ، وهي في عمر الثلاثين تكون قد تزوجت ثلاث مرات ، وبشكل عام فإنها تسير وراء الصرعات الغربية ، وكل ما يصدره لنا الغرب من نمط حياة وسلوك ، والمرأة ا لمسلمة لا يوجد لها أي احترام ، والسبب في ذلك هو الجهل.
وتقول "كلثم كراسيروفا " من روسيا : نحن أقلية مسلمة ، وبالاجتهاد سوف ينتشر الإسلام ، لقد انتشر الفساد وتعاطي المخدرات بين الشباب من جميع الأعمار ، نحن نخشى على مستقبلنا ؛ لأنه لا يوجد من يلتزم بالدين ، أنا أدرس في المعهد الإسلامي في جمهورية "كازان " وهناك مكان واحد فقط في روسيا لتعليم الفتيات المسلمات ، ولابد أن نهتم بالعلم ، كما أوصت أول آية نزلت في القرآن الكريم : (اقرأ باسم ربك الذي خلق) .
وتضيف " نورا زكاي " من ألبانيا : إننا دولة يشكل فيها المسلمون 87 في المئة من السكان ، ويحتاجون دعم إخوانهم المسلمين ،منذ ثلاث سنوات بعد انتهاء الحرب في كوسوفا لم يزرنا أي وفد مسلم .
السفور بأمر الدولة :
وتقول " خالدة الرميثاء " من تركيا : لا يمكن أن أدخل من ساحة المدرسة وأنا أرتدي الحجاب ، كما أن المسلمات ممنوعات من ارتدائه على كل المستويات وفي المدارس والجامعات والدوائر الحكومية ، فمنذ عامين طردت أكثر من ألف امرأة من وظائفهن الرسمية بسبب قرار الحكومة منع الحجاب ، وأُجبرت أمي على ترك عملها في المدرسة ، وكذلك زوجة عمي ، وهي مهندسة نووية ، وبهذا فإن المسلمات في تركيا ، وخاصة المحجبات لن ينلن حقوقهن في التعليم والعمل .
شهادات :
وتتساءل " أمل البوعينين " من قطر عما تبقّى من الحضارة المدعاة في العالم في هذا القرن ، وتقول إن سحق الإنسان وإثقال كاهله بالمزيد من متاعب الحياة ربما يحظى باهتمام أكبر ، وتقول : إن نصيب المرأة قد يكون أوفر في تحمّل الأعباء خارج بيتها وداخله ، فهي اليوم باسم التطور السياسي تظهر كعبء على المجتمعات المتحررة في أوروبا ، فالفتاة المسلمة بغض النظر عن أنها عربية أو أوروبية تشغل بال أصحاب السياسة ، فمثلاً في الدنمارك الفتاة المسلمة " إسلام أمين " من عائلة تركية مسلمة أرسلتها المدرسة الثانوية للتدريب العلمي في فرع من فروع مركز تجاري شهير في كوبنهاغن ، فرفضتها إدارة المركز بحجة ارتداء الحجاب ، فما كان منها إلا أن قدمت شكوى لوزارة العمل الدنماركية ، التي أرسلت بدورها تحذيرًا لذلك المركز والمتاجر الأخرى بعدم التعرض لمسألة الحجاب ، ولم يلتزم ذلك المركز بهذا الأمر ، فلم تقف عن الدفاع عن حجابها قبل الدفاع عن تعليمها ، وقامت برفع دعوة قضائية أمام المحاكم وانتصرت فيها .
وتضيف قائلة : إن من نماذج التحدي الفاضح ، الذي تتعرض له المرأة المسلمة ، تلك البيانات التي صدرت عن مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة ، والذي حطّ من شأن المرأة ، والتكوين الأُسري السليم الذي نادى به الإسلام ، فقد دعا إلى حرية الجنس للجميع دون أي التزام قانوني أو أخلاقي .
ــــــــــــــ
المصدر: زهرة الخليج